منه، وهو طاهر؛ لأن السائل كان جاهلًا بالحكم، فلما أجابه عن السبع، وما ذكره معها بما قال، دل على نجاسة سؤرها.
فإن قيل: فأنتم لا تعتبرون القلتين، فكيف ساغ لكم الاحتجاج به.
قيل له: قد بينا فيما تقدم وجه ذلك، وأن ذكره القلتين إخبار منه وإن كان قلتين فإنه يضعف عن حمل الخبث.
وانه جائز أن يكون خرج على سؤال سائل سأل عن هذا القدر.
وعلى أن أكثر أحواله أنه يفيد نجاسة سؤر السباع، واعتبار القلتين، وقد قامت الدلالة على سقوط اعتبارهما، فبقيت دلالة الخبر في نجاسة سؤر السباع، إذ لم تقم الدلالة على نسخه.
فإن قيل: روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الحياض التي بين مكة والمدينة، تردها السباع والكلاب، فقال "لها ما أخذت، وما بقي فهو لنا طهور".
قيل له: فينبغي أن تدل على طهارة سؤر الكلب؛ لأنه قد جمعه إلى السباع.
وعلى أنه يحتمل أن يكون من قبل تحريم أكلها، فكان سؤرها مباحًا، ثم حرم سؤرها بتحريم لحومها، كالكلاب.
وأيضًا: فإن خبرنا حاظر، وهذا مبيح، والحظر والإباحة إذا اجتمعًا فالحظر أولى.