قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا فِي مِثْلِ مَا اكْتَرَاهَا فِيهِ وَيَحْمِلَ عَلَيْهَا غَيْرَ مَا اكْتَرَاهَا عَلَيْهِ إذَا كَانَ الَّذِي يَحْمِلُهُ عَلَيْهَا لَيْسَ فِيهِ مَضَرَّةٌ عَلَى الَّذِي تَكَارَاهَا عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ الرَّصَاصُ فِي الْوَزْنِ مِثْلَ وَزْنِ الدُّهْنِ وَلَيْسَ هُوَ أَكْثَرَ مِنْ مَضَرَّةِ الدُّهْنِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت ثَوْرًا أَطْحَنُ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ إرْدَبًّا فَطَحَنْتُ عَلَيْهِ إرْدَبَّيْنِ فَعَطِبَ الثَّوْرُ؟ قَالَ: رَبُّ الثَّوْرِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ كِرَاءَ إرْدَبٍّ وَضَمَّنَ الطَّحَّانَ قِيمَةَ ثَوْرِهِ حِينَ رَبَطَهُ فِي طَحِينِ الْإِرْدَبِّ الثَّانِي، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ كِرَاءَ الْإِرْدَبَّيْنِ جَمِيعًا وَلَا شَيْءَ عَلَى الطَّحَّانِ مِنْ قِيمَةِ الثَّوْرِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا تَكَارَى دَابَّةً إلَى مَكَان مُسَمًّى ذَاهِبًا وَرَاجِعًا ثُمَّ تَعَدَّى حِينَ بَلَغَ الْبَلَدَ الَّذِي تَكَارَى إلَيْهِ، فَإِنَّمَا لِرَبِّ الدَّابَّةِ نِصْفُ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ أَنَّ الْكِرَاءَ نِصْفُهُ فِي الْمَسِيرِ وَنِصْفُهُ فِي الرَّجْعَةِ فَتَعَدَّى الْمُتَعَدِّي بِالدَّابَّةِ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إلَّا نِصْفُ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ أَنَّ الدَّابَّةَ هَلَكَتْ حِينَ بَلَغَ الْبَلَدَ الَّذِي تَكَارَى إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُسْتَكْرِي ضَمَانٌ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُكْرِي إلَّا نِصْفُ الْكِرَاءِ، فَإِنْ تَعَدَّى الْمُكْتَرِي الْمَكَانَ الَّذِي تَكَارَى إلَيْهِ فَرَبُّ الدَّابَّةِ مُخَيَّرٌ إنْ أَحَبَّ أَنْ يُضَمِّنَ دَابَّتَهُ الْمُكْتَرِي يَوْمَ تَعَدَّى بِهَا ضَمَّنَهُ إيَّاهَا بِقِيمَتِهَا يَوْمَ تَعَدَّى بِهَا وَلَهُ الْكِرَاءُ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي تَعَدَّى مِنْهُ، وَإِنْ أَحَبَّ صَاحِبُ الدَّابَّةِ أَنْ يَأْخُذَ كِرَاءَ مَا تَعَدَّى إلَى الْمُسْتَكْرِي وَيَأْخُذَ دَابَّتَهُ فَذَلِكَ لَهُ، وَكَذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي أَهْلِ التَّعَدِّي وَالْخِلَافِ لِمَا أَخَذُوا عَلَيْهِ الدَّابَّةَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ اسْتَكْرَى دَابَّةً فَأَجَازَ بِهَا الشَّرْطَ أَيُضَمَّنُ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَأَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةَ وَأَبِي الزِّنَادِ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ مِثْلَهُ ثُمَّ فَسَّرُوا بِنَحْوٍ مِنْ تَفْسِيرِ مَالِكٍ فِي الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ وَكِرَاءِ التَّعَدِّي وَضَمَانِ الدَّابَّةِ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، وَعَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: زِدْتُ عَلَى الْمَكَانِ الَّذِي اسْتَكْرَيْتُ إلَيْهِ قَلِيلًا مِيلًا أَوْ أَدْنَى فَمَاتَتْ؟
قَالَ: تَغْرَمُ.
قُلْتُ: لِعَطَاءٍ فَزِدْتُ عَلَى الْحِمْلِ الَّذِي اشْتَرَطْتُ قَلِيلًا فَمَاتَتْ؟
قَالَ: تَغْرَمُ.
قُلْتُ: فَأَكْرَيْتُهُ مِنْ غَيْرِي بِغَيْرِ أَمْرِ سَيِّدِ الظَّهْرِ فَحَمَلَ عَلَيْهِ مِثْلَ شَرْطِي، وَلَمْ يَتَعَدَّ؟
قَالَ: لَا يَغْرَمُ، وَقَالَ ذَلِكَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَخَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ