فِي رَجُلٍ ارْتَهَنَ عَبْدًا فَأَعَارَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الرَّاهِنِِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي ارْتَهَنْت مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا، فَأَعَرْته رَجُلًا بِغَيْرِ أَمْرِ الرَّاهِنِ، فَمَاتَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْمُعَارِ، أَيَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ قِيمَتَهُ أَمْ لَا؟
قَالَ: إنْ لَمْ يَعْطَبْ فِي عَمَلٍ اسْتَعْمَلَهُ الْمُسْتَعِيرُ فِيهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِذَا مَاتَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، لَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ.
قُلْتُ: لِمَ أَوَلَيْسَ هَذَا الْمُرْتَهِنُ غَاصِبًا حِينَ أَعَارَ الْعَبْدَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ؟
قَالَ: لَا قُلْتُ: تَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ، أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَوْ اسْتَوْدَعَهُ رَجُلًا بِغَيْرِ أَمْرِ الرَّاهِنِ لَمْ يَضْمَنْ؟
قَالَ: لَا، وَهُوَ رَأْيِي إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي اسْتَوْدَعَهُ أَوْ اسْتَعَارَهُ أَوْ اسْتَعْمَلَهُ عَمَلًا أَوْ بَعَثَهُ مَبْعَثًا مِمَّا يَعْطَبُ فِي مِثْلِهِ فَيَضْمَنُ.
قَالَ سَحْنُونٌ: هُوَ ضَامِنٌ، كَانَ هَلَاكُهُ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا هَلَكَ بَعْدَ التَّعَدِّي وَبَعْدَ أَنْ ضَمِنَ قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ تَعَدَّى فَقَدْ. ضَمِنَ
رَهَنَ أَمَتَهُ وَلَهَا زَوْجٌٌ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي ارْتَهَنْت جَارِيَةً لَهَا زَوْجٌ، أَيَكُونُ لِي أَنْ أَمْنَعَ زَوْجَهَا مِنْ الْوَطْءِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ زَوْجَهَا مِنْ الْوَطْءِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: أَرَأَيْتَ لَوْ بَاعَهَا، أَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَمْنَعَ زَوْجَهَا مِنْ الْوَطْءِ؟ أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ، فَكَذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا رَهَنَ جَارِيَةَ عَبْدٍ لَهُ؛ لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِ هَذَا الْعَبْدِ أَنْ يَطَأَهَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ لَوْ رَهْنَهُمَا جَمِيعًا - عَبْدَهُ وَأَمَتَهُ - لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ أَنْ يَطَأَهَا.
قَالَ أَشْهَبُ: إنْ وَطِئَ الْعَبْدُ جَارِيَتَهُ بِأَمْرِ الْمُرْتَهِنِ فَقَدْ أَفْسَدَ رَهْنَهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ افْتَكَّهُمَا السَّيِّدُ، أَتَكُونُ الْجَارِيَةُ لِلْعَبْدِ كَمَا هِيَ فِي قَوْلِ؟ مَالِكٍ قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَسَوَاءٌ إنْ كَانَ رَهَنَهَا السَّيِّدُ وَحْدَهَا ثُمَّ افْتَكَّهَا، أَوْ رَهَنَهَا هِيَ وَسَيِّدَهَا الْعَبْدُ ثُمَّ افْتَكَّهُمَا، أَهُمَا سَوَاءٌ؟ أَتَكُونُ الْجَارِيَةُ لِلْعَبْدِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنَّهُ إذَا افْتَكَّهَا السَّيِّدُ رَجَعَتْ إلَى الْعَبْدِ بِحَالِ مَا كَانَتْ قَبْلَ الرَّهْنِ، وَكَذَلِكَ إذَا رَهْنَهُمَا جَمِيعًا فَافْتَكَّهُمَا هُوَ أَبْيَنُ مِنْهُ حِينَ رَهْنَهَا دُونَهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ وَقَدْ رَهَنَهَا قَبْلَ ذَلِكَ، أَيَجُوزُ هَذَا التَّزْوِيجُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا يَجُوزُ تَزْوِيجُهُ إيَّاهَا؛ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ عَيْبٌ يَلْحَقُ الْجَارِيَةَ، فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُدْخِلَ فِي الرَّهْنِ مَا يُنْقِصُهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ فَإِنْ رَضِيَ بِذَلِكَ جَازَ.
فِي الرَّهْنِ بِالسَّلَفِِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ارْتَهَنْت مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً، قِيمَتُهَا خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَسْلَفْته إيَّاهَا، ثُمَّ جَاءَنِي بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: أَسْلِفْنِي خَمْسَمِائَةٍ أُخْرَى. فَقَالَ: لَا، إلَّا أَنْ تَرْهَنَنِي جَارِيَتَكَ