فِي هَوَاءِ الْأَفْنِيَةِ، فَلَمَّا أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَاحِيَةً كَانَ فِنَاءُ هَذِهِ الدَّارِ بَيْنَهُمَا عَلَى حَالِهِ، وَالْأَجْنِحَةُ إنَّمَا هِيَ فِي الْفِنَاءِ؟
قَالَ: الْأَجْنِحَةُ إذَا كَانَتْ مَبْنِيَّةً فَإِنَّمَا هِيَ مِنْ الدَّارِ، وَقَدْ خَرَجَتْ مِنْ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْفِنَاءِ وَصَارَتْ خَزَائِنَ لِلدَّارِ، فَلَمَّا اقْتَسَمُوا عَلَى أَنْ أَعْطَوْا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ طَائِفَةً مِنْ الدَّارِ، كَانَتْ الْأَجْنِحَةُ لِلَّذِي أَخَذَ تِلْكَ النَّاحِيَةَ الَّتِي فِيهَا الْأَجْنِحَةُ، وَإِنَّمَا الْأَجْنِحَةُ خَزَائِنُ لِحِصَّتِهِ وَقَدْ خَرَجَتْ مِنْ أَنْ تَكُونَ فِنَاءً، وَهَذَا رَأْيِي.
الرَّجُلَيْنِ يَقْتَسِمَانِ الْجِدَارَ عَلَى أَنْ يَزِيدَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ دَنَانِيرَ إلَى أَجَلٍٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ دَارًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ اقْتَسَمَاهَا فِيمَا بَيْنَهُمَا، فَأَخَذَ هَذَا طَائِفَةً وَأَعْطَى طَائِفَةً صَاحِبَهُ، عَلَى أَنْ أَعْطَى أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَبْدًا أَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ أَوْ عُرُوضًا نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ، وَكَيْفَ لَمْ يَضْرِبْ لِلَّذِي يُعْطِيهِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِعَيْنِهِ أَجَلًا؟ قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ إذَا كَانَ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَ دَيْنًا مَوْصُوفًا فَلَا يَصْلُحُ إلَّا أَنْ يَضْرِبَ لِذَلِكَ أَجَلًا، يَجُوزُ مِنْ هَذَا مَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ وَيَفْسُدُ مِنْ هَذَا مَا يَفْسُدُ فِي الْبَيْعِ. قَالَ: وَهَذَا رَأْيِي لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا طَائِفَةً مِنْ الدَّارِ وَالْآخَرُ طَائِفَةً مِنْ الدَّارِ عَلَى أَنْ يَزِيدَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ دَنَانِيرَ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ اقْتَسَمَاهَا فِيمَا بَيْنَهُمَا فَأَخَذَ هَذَا طَائِفَةً وَهَذَا طَائِفَةً، عَلَى أَنْ يَتَصَدَّقَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِصَدَقَةٍ مَعْرُوفَةٍ أَوْ يَهَبَ لَهُ هِبَةً مَعْرُوفَةً؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ جَائِزٌ.
قُلْتُ: فَلَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ مَمَرَّهُ فِي دَارِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ رَقَبَةِ الدَّارِ شَيْئًا، أَيَجُوزُ ذَلِكَ؟
قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ.
قُلْتُ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْبَيْتِ الصَّغِيرِ يَكُونُ بَيْنَ قَوْمٍ فَيَكُونُ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمْ مَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ إذَا قُسِمَ أَيُقْسَمُ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُقْسَمُ وَإِنْ كَانَ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمْ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ قُسِمَ بَيْنَهُمْ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ: {مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} النساء: 7 سُورَةُ النِّسَاءِ فَالْقَلِيلُ النَّصِيبُ فِي هَذَا وَالْكَثِيرُ النَّصِيبُ فِي هَذَا سَوَاءٌ، يُقْسَمُ عَلَيْهِمْ إذَا طَلَبُوا الْقِسْمَةَ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَلِيلِ النَّصِيبِ وَلَا إلَى كَثِيرِ النَّصِيبِ.
قُلْتُ: فَإِذَا دَعَا وَاحِدٌ مِنْ الشُّرَكَاءِ إلَى الْقِسْمَةِ وَشَرِكَتُهُمْ مِنْ شِرَاءٍ أَوْ مِيرَاثٍ فَأَبَى بَقِيَّتُهُمْ الْقِسْمَةَ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ دَعَا مِنْهُمْ إلَى الْقِسْمَةِ وَكَانَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِمَّا يُقْسَمُ قُسِمَ مِنْ رَقِيقٍ أَوْ دَوَابّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
قَالَ لِي مَالِكٌ: كَانَ ذَلِكَ مِنْ شِرَاءٍ أَوْ مِيرَاثٍ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ وَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَنَا لَا أَبِيعُ وَقَالَ بَقِيَّتُهُمْ نَحْنُ نَبِيعُ.
قَالَ: يُبَاعُ عَلَيْهِمْ، وَعَلَيْهِ جَمِيعُ ذَلِكَ عَلَى مَا أَحَبُّوا أَوْ كَرِهُوا إلَّا