الرَّجُلِ يَقُولُ لِعَبْدِهِ قَدْ وَهَبْتُ لَكَ عِتْقَكَ أَوْ نِصْفَكَفِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِعَبْدِهِ: قَدْ وَهَبْتُ لَكَ عِتْقَكَ أَوْ نِصْفَكَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعَبْدِهِ: قَدْ وَهَبْت لَكَ عِتْقَكَ، أَوْ قَالَ قَدْ تَصَدَّقْتُ عَلَيْكَ بِعِتْقِكَ، أَيَكُونُ حُرًّا مَكَانَهُ؟
قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِعَبْدِهِ: قَدْ وَهَبْتُ لَكَ نَفْسَكَ: إنَّهُ حُرٌّ.
قُلْتُ: قَبِلَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ؟
قَالَ: نَعَمْ، قَبِلَ الْعَبْدُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ هُوَ حُرٌّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فَمَسْأَلَتُكَ مِثْلُ هَذَا.
قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ غَيْرُهُ: إذَا وَهَبَهُ نَفْسَهُ فَقَدْ وَجَبَ الْعِتْقُ.
لِأَنَّهُ لَا يُنْتَظَرُ مِنْهُ قَبُولٌ.
مِثْلُ الطَّلَاقِ إذَا وَهَبَهَا فَقَدْ وَهَبَ مَا كَانَ يَمْلِكُ مِنْهَا جَاءَتْ بِذَلِكَ الْآثَارُ، لِأَنَّ الْوَاهِبَ فِي مِثْلِ هَذَا لَمْ يَهَبْ لَأَنْ يَنْتَظِرَ قَبُولَ مَنْ وُهِبَ لَهُ كَالْأَمْوَالِ الَّتِي تُوهَبُ، فَإِنْ قَبِلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ نَفِدَ وَإِنْ رَدَّهُ رَجَعَ إلَى الْوَاهِبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ رَجُلٍ وَهَبَ لِعَبْدِهِ نِصْفَهُ.
قَالَ: أَرَاهُ حُرًّا كُلَّهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِأَنَّهُ حِينَ وَهَبَ لَهُ نِصْفَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ، وَوَلَاؤُهُ لِلسَّيِّدِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَخَذَ مِنْهُ دَنَانِيرَ عَلَى عِتْقِ نِصْفِهِ أَوْ عَلَى بَيْعِ نِصْفِهِ مِنْ نَفْسِهِ قَالَ: الْعِتْقُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ مِنْ السَّيِّدِ نَفْسِهِ فَيَكُونُ مَا رَقَّ مِنْهُ تَبَعًا لِمَا أَعْتَقَ مِنْهُ وَيُعْتَقُ جَمِيعُهُ.
قَالَ: وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ عَبْدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْطَى الْعَبْدُ أَحَدَهُمَا دَنَانِيرَ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ فَفَعَلَ، قَالَ: يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ أَرَادَ وَجْهَ الْعَتَاقَةِ عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَيُقَوِّمُ عَلَيْهِ نَصِيبَ صَاحِبِهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيُرَدُّ الْمَالُ إلَى الْعَبْدِ وَلَا يَكُونُ لَهُ مِنْهُ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ؛ لِأَنَّهُ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ وَاسْتَثْنَى مِنْ مِلْكِهِ شَيْئًا عَتَقَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ كُلُّهُ وَيَرُدُّ مَا اسْتَثْنَى مِنْ الْمَالِ إلَى الْعَبْدِ، فَكَذَلِكَ إذَا أَرَادَ وَجْهَ الْعَتَاقَةِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ وَجْهَ الْعَتَاقَةِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ وَجْهَ الْكِتَابَةِ وَلَمْ يُرِدْ الْعَتَاقَةَ فَسَخَ مَا صَنَعَ وَكَانَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا وَأَخَذَ صَاحِبُهُ نِصْفَ مَا أَخَذَ مِنْ الْعَبْدِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ هَوَيْتِ أَوْ رَضِيت أَوْ شِئْت أَوْ أَرَدْت مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ لِلْأَمَةِ؟
قَالَ: ذَلِكَ لَهَا وَإِنْ قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا مِثْلَ التَّمْلِيكِ فِي الْمَرْأَةِ إلَّا أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ الْوَطْءِ أَوْ مِنْ مُبَاشَرَةٍ أَوْ قُبْلَةٍ أَوْ مَا يُشْبِهُ هَذَا، وَتُوقَفُ الْجَارِيَةُ فَإِمَّا أَنْ تَخْتَارَ حُرِّيَّتَهَا وَإِمَّا أَنْ تَتْرُكَ، وَأَمَّا أَنَا فَلَا أَرَى لَهَا بَعْدَ أَنْ يَفْتَرِقَا مِنْ الْمَجْلِسِ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا فَوَّضَهُ إلَيْهَا.
الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْعِتْقِِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِعَبِيدٍ لَهُ: أَنْتُمْ أَحْرَارٌ إلَّا فُلَانًا؟
قَالَ: ذَلِكَ لَهُ.
قُلْتُ: أَلَيْسَ