فقال لي: لا يوجب الشرط حقا لم يجب، ولا يسقط حقا واجبًا وهو باطل.
قلت لهما: فالرجل يتعلق بالرجل قد أراد سفرًا يدعي قبله حقا، فيقول له: لا تقطع لي عن سفري، فإذا رجعت فما حلفت عليه فأنت مصدق. أيلزمه ذلك؟
قالا: نعم، ولا تشبه هذه الأولى، لأن الأولى مخاطرة حين قال: إن لم أوافك فأنت مصدق مع يمينك، وهاهنا قال: إذا رجعت فأنت مصدق مع يمينك فذلك كذلك.
قال: قلت لهما: فالخصمان يتواعدان للموافاة عند السلطان ـ وهو على بعد منهما ـ ليوم قد سمياه، فيقول أحدهما لصاحبه: إني أخاف أن تخلفني فأعنى وأغرم كراء الدابة. فيقول: إن أخلفتك فعلي كراء الدابة.
فيخلفه.
فقالا لي: لا يلزمه ما ألزم نفسه من ذلك.
وسألت أصبغ عن ذلك كله، فقال لي مثله.
وسألت ابن الماجشون عن الرجل يدعي قبل الرجل حقا فيخاصمه فيقضي له عليه، فيصالحه منه على شيء، ثم يرجع القاضي عن قضاء ذلك، هل يرجع هذا بما صالح به؟
فقال لي: نعم، يرجع بذلك عليه كما كان يرجع لو دفع جميع الحق.
وسألت عن ذلك مطرفًا، فقال لي: أرى الصلح ماضيًا بينهما، ولا يشبه الصلح أخذه منه ما يحكم له به وذلك يرجع به عليه إذا رجع الحاكم عن حكمه، وأما الصلح فماض، وهو عندي بين.
فسألت عن ذلك أصبغ، فقال لي مثل قول ابن الماجشون.
ابن حبيب: وهو أحب إلي، وبه أقول.