وقياس الشيء بالأشبه به أولى، وذلك إيجاب الصدقة فيما يستأنف ملكه، وما دل عليه القرآن من إيجاب ذلك.
فقياس الطلاق الذي هو حل شيء بعد عقده أولى أن يشبه بإيجاب الصدقة بعد عقد الملك.
وكلفنا القياس على ما لا يشبه هذا .
فــإن قيل: فألا جعلته كقول الأمة أن أعتقت: اخترت الرق، ومن قولك: إن ذلك لا يلزم، وهذا حل شيء بعد عقد متقدم بما انعقد لها من الحرية التي لم تكن بعد؟
قلت: إن هذا لا يلزم، لأن الذي قال: إن تزوجتك فأنت طالق قد حلف على فعل نفسه، فهو يعقد بفعله النكاح، الذي أوجب على نفسه به الطلاق.
وهذا إنما جعلت فعلها فيما هو بيد غيرها، ففعلت فيما لم يجب لها، وهي لا تملك منه عقدا ولا حلا، وليس بيدها وقوع العتق، الذي به يجب الخيار لها.
وكذلك كل من اسقط ما لم يجب له، ولا له في عقده فعل بحال.
مثل أن يقول: إن قتل فلان وليي فقد عفوت عنه، أو إن اشترى فلان هذا الشقص، فقد اسقطت عنه شفعني، فهذا لا يلزمه، وهو كقول الأمة في الاشتباه.
وعقد الشيء آكد في الأصول من حله، والأمور الموجبة لعقود الأشياء أقوى من الأمور التي توجب حلها، وهذه أمور تفترق عند التامل، مع موجبة التوفيق.