ادعى المدعي شهادتها بطلت كلها، وإن ادعى شهادة أحدهما حلف معه وقضي له، لأن العمري عندنا راجعة بعد موت المعمر إلى صاحبها بخلاف الهبة.
ولو شهد أحدهما بالهبة لغير ثواب، وشهد الآخر أنه نحله أياها أو تصدق بها عليه فهذا معنى واحد ويقضي بها للمدعي.
ولو قال: إنه تصدق بها عليه وقال الآخر: إنه وهبها له للثواب فالشهادة مختلفة، وإن ادعى أحدهما حلف مع شاهده بذلك، فإن ادعى هبة الثواب غرم الثواب، وإن ادعى شهادتهما جميعا بطلت دعواه.
قال سحنون: وإن أكره على أن يهب ويدفع فوهب على عوض ودفع وقبض العوض فذلك غير لازم له.
قال: ومن خالفنا يلزمه ذلك لأن هذا كالبيع.
قال سحنون ولو/أكره على أن يهب على عوض فوهب على غير عوض فلا يلزمه، لأنه إنما أكره على إزالة الملك، وقال أهل العراق: ذلك يلزمه.
قال محمد: وقد جامعونا إنه إن أكره على أن يهب على عوض ويدفع فباع ذلك ودفع وقبض: أن ذلك باطل، وكذلك إن أكره على البيع فوهب على عوض، وهذا دليل أن الإكراه إنما على إزالة الملك، قالوا جميعا: وإن أكرهه على أن يهبه ويدفع ففعل ثم عوضه الآخر بغير إكراه فقبله، فذلك إجازة منه لهبته.
قال سحنون: وذلك إذا قبض العوض آمنا في موضع لو قام المكره على هبته لأخذها، فإن قال المكره: لا أسلم العوض وقد سلمت أنت الهبة حين رضيت بالعوض فلا أدفع أليك العوض، فليس له ذلك لأنه إنما أسلم الهبة على العوض فهو كإشتراط العوض، قالوا جميعا: ألا ترى لو وهب رجل جاريتي وقلت له: عوضني منها فعوضني عوضا قبضته كان هذا إجازة للهبة، وإن أبى هو من
10/ 292