وَصفه لنَفسِهِ معنى لَا يُقَال هُوَ علمه وحياته وَقدرته وَلَا يُقَال هُوَ غير هَذِه الصِّفَات لقِيَام الدَّلِيل بِمَا سَنذكرُهُ فِي بَاب نفي خلق الْقُرْآن على قدم كَلَامه سُبْحَانَهُ وَأَنه جَار مجْرى سَائِر صِفَات ذَاته
وَقد ثَبت أَن الصِّفَات الْقَدِيمَة لَا يجوز أَن تكون مُتَغَايِرَة من حَيْثُ لم تجز مُفَارقَة شَيْء مِنْهَا للْآخر بِزَمَان وَلَا مَكَان وَلَا بِأَن يُوجد مِنْهَا شَيْء مَعَ عدم الآخر
وَكَانَ هَذَا معنى الغيرين وَحَقِيقَة وصفهما بذلك
فَثَبت بِهَذِهِ الْجُمْلَة أَن وصف الْقَدِيم سُبْحَانَهُ لنَفسِهِ بِصِفَات ذَاته لَيْسَ بِغَيْر لصفات الذَّات
وَإِن كَانَ وصف الله سُبْحَانَهُ لنَفسِهِ وَصفا بِصِفَات أَفعاله نَحْو قَوْله تَعَالَى إِنِّي خَالق ورازق وعادل ومحسن ومتفضل وَمَا جرى مجْرى ذَلِك كَانَ وَصفه لنَفسِهِ بِهَذِهِ الصِّفَات غير صِفَاته الَّتِي هِيَ الْخلق والرزق وَالْعدْل وَالْإِحْسَان والإنعام
لِأَن هَذِه الصِّفَات هِيَ أَفعَال الله تَعَالَى وَهِي محدثات وَمن صِفَات أَفعاله
وَالْكَلَام الَّذِي هُوَ قَوْله إِنِّي خَالق عَادل متفضل محسن من صِفَات ذَاته
وصفات الذَّات غير صِفَات الْأَفْعَال لِأَنَّهَا قد كَانَت مَوْجُودَة مَعَ عدمهَا
فَوَجَبَ أَن يسدل ذَلِك على تغايرها لأنفسها
وَكَذَلِكَ كل غيرين إِنَّمَا يتغايران لأنفسهما
وافتراقهما بِالزَّمَانِ وَالْمَكَان والوجود والعدم إِنَّمَا يدل على تغايرهما وَيكون تَفْسِيرا لوصفهما بِأَنَّهُمَا غيران وَلَيْسَ من هَذِه المفارقات مَا هُوَ عِلّة فِي كَون الغيرين غيرين
وَإِن كَانَ الواصف لنَفسِهِ مُحدثا فَإِن وَصفه لنَفسِهِ أَيْضا هُوَ قَوْله