مَسْأَلَةفَإِن قَالُوا فَيجب على كل حَال أَن تَقولُوا إِن كَلَام الله أصوات وحروف متبعض متغاير لأنكم لم تعقلوا كلَاما إِلَّا كَذَلِك
وَيجب أَن تَقولُوا إِن الْأَمر مِنْهُ غير النَّهْي وَالْخَبَر غير الاستخبار
يُقَال لَهُم لَو وَجب مَا قلتموه لأجل الشَّاهِد لوَجَبَ إِذا كَانَ الْقَدِيم سُبْحَانَهُ مَوْجُودا أَن يكون جسما أَو جوهرا أَو عرضا وَإِذا كَانَ بِنَفسِهِ قَائِما أَن يكون جوهرا ذَا حيّز فِي الْوُجُود وَإِذا كَانَ متكلما أَن يكون الْكَلَام مَوْجُودا بِهِ أَو أَسبَاب الْكَلَام وَإِذا كَانَ حَيا عَالما قَادِرًا أَن يكون ذَا حَيَاة وَعلم وقدرة
لأنكم لم تعلقوا شَيْئا إِلَّا كَذَلِك وَلَا متكلما حَيا عَالما قَادِرًا إِلَّا كَمَا ذَكرْنَاهُ
ولوجب أَيْضا عَلَيْكُم أَن لَا يكون الْبَارِي سُبْحَانَهُ حَيا عَالما قَادِرًا سميعا بَصيرًا بِنَفسِهِ لأنكم لم تَجدوا نفسا وَاحِدَة تسْتَحقّ هَذِه الْأَوْصَاف لنَفسهَا
فَكل هَذَا الَّذِي تقولونه خلاف الشَّاهِد والوجود
ثمَّ يُقَال لَهُم قد وهمتم علينا فِي قَوْلكُم إِنَّا لم نعقل كلَاما إِلَّا حروفا وأصواتا لأننا لم نعقل قطّ ذَلِك
لِأَن الْكَلَام فِيمَا بَيْننَا إِنَّمَا هُوَ معنى قَائِم بِالنَّفسِ يعبر عَنهُ بِهَذِهِ الْأَصْوَات المسموعة تَارَة وبغيرها أُخْرَى
وَلذَلِك مَا يخْتَلف النَّاس فِي الفصاحة والبلاغة فِي الْعبارَة عَن الْكَلَام الَّذِي هُوَ فِي النَّفس مَعَ اتفاقه وَاخْتِلَاف الْعبارَة عَنهُ بالإطالة مرّة والاختصار أُخْرَى