وَمِمَّا يدل على ذَلِك أَيْضا من الْقُرْآن قَوْله تَعَالَى {وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ}
فَأخْبر أَنه خَالق لنَفس عَملنَا كَمَا قَالَ {جَزَاء بِمَا كَانُوا يعْملُونَ} فأوقع الْجَزَاء على نفس أَعْمَالهم
فَإِن قَالُوا مَا أنكرتم أَن يكون أَرَادَ أَنه خلق الْأَصْنَام الَّتِي عمِلُوا فِيهَا
قيل لَهُم الْأَصْنَام أجسام والأجسام لَا يجوز أَن تكون أعمالا للعباد على الْحَقِيقَة
فَإِن قَالُوا أَلَيْسَ قد قَالَ تَعَالَى {تلقف مَا يأفكون} وَهِي لم تلقف إفكهم
قيل لَهُم أجل لِأَن الله تَعَالَى مَا ذكر إفكهم بل ذكر مأفوكهم لِأَن مَا يأفكون هُوَ المأفوك كَمَا أَن مَا يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ ويضربون هُوَ الْمَأْكُول والمشروب والمضروب
وَكَذَلِكَ قَوْله {أتعبدون مَا تنحتون} لم يعرض تَعَالَى فِيهِ لذكر النحت وَإِنَّمَا ذكر المنحوت لِأَن مَا ينحتون هُوَ منحوتهم لَا نحتهم
فَبَطل تعلقهم وتعليلهم
وَيدل على ذَلِك أَيْضا من الْقُرْآن قَوْله عز وَجل {وقدرنا فِيهَا السّير سِيرُوا فِيهَا ليَالِي وأياما آمِنين}
وَالتَّقْدِير مِنْهُ هُوَ خلق الشَّيْء