قَالَ الشَّاعِر زُهَيْر
(ولأنت تفري مَا خلقت
... وَبَعض الْقَوْم يخلق ثمَّ لَا يفري) يَعْنِي تمْضِي مَا قدرت وَمِنْهُم من يقدر ثمَّ لَا يمْضِي
وَقَالَ آخر
(وَلَا ينيط بأيدي الْخَالِقِينَ وَلَا
... أَيدي الخوالق إِلَّا جيد الْأدم) يُرِيد أَيدي المقدرين للأدم بِأَيْدِيهِم وَقُلُوبهمْ
وَإِن استدلوا بقوله تَعَالَى {فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ} فَالْجَوَاب عَنهُ أَنه تَعَالَى عَنى وَهُوَ أعلم أحسن المقدرين تَقْديرا وَأحسن المصورين تصويرا
يَقُول إِن تَصْوِيره ألطف وَأحسن من تصويرهم وَإِن تَقْدِيره الَّتِي هِيَ إِرَادَته وقصده أصوب من تقديرهم وارتيائهم
وَيحْتَمل أَن يكون الله تَعَالَى لما ذكر نَفسه مَعَ غَيره الَّذِي لَيْسَ بخالق سماهم باسمه مجَازًا واتساعا
كَمَا قَالُوا عدل العمرين يعنون أَبَا بكر وَعمر
وكما قَالُوا الأسودان يعنون المَاء وَالتَّمْر
وكما قَالَ الشَّاعِر
(أَخذنَا بآفاق السَّمَاء عَلَيْكُم
... لنا قمراها والنجوم الطوالع) يَعْنِي الشَّمْس وَالْقَمَر
فَكَذَلِك قَوْله الْخَالِقِينَ والخالق مِنْهُم وَاحِد