وَمَا رُوِيَ عَن عُثْمَان أَنه كتب إِلَى عَليّ أَيَّام الْحصار
(فَإِن كنت مَأْكُولا فَكُن خير آكل
... وَإِلَّا فأدركني وَلما أمزق) إِنَّمَا هُوَ أَيْضا من رِوَايَات الْآحَاد
وَكَيف يَصح ذَلِك وَقد أنفذ عَليّ الْحسن لنصرته وَعُثْمَان يردهُ وَيرد النَّاس عَن الدّفع عَنهُ بِالْقِتَالِ لَهُم ويحملهم الرسائل إِلَيْهِم بالوعظ لَهُم وَهَذَا مَعْلُوم ظَاهر من حَاله وَأَنه قَالَ من كَانَ يظنّ أَن لي فِي عُنُقه طَاعَة فليغمد سَيْفه وليلزم بَيته وَقَالَ لعبيده من غمد مِنْكُم سَيْفه فَهُوَ حر لوجه الله فَفَعَلُوا إِلَّا الْأسود الَّذِي قتل فِي الدَّار وَهَذَا لَا يشبه مَا رَوَوْهُ من استنهاضه لعَلي وَلِأَن فِي ذَلِك أَيْضا قرفا لعُثْمَان فِي اتهامه لمثل عَليّ رضوَان الله عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَاب
فَكل مَا جرى مجْرى هَذِه الرِّوَايَات فَإِنَّهُ مَرْدُود
وَالظَّاهِر من عَليّ تَكْذِيب هَذِه الرِّوَايَة من قَوْله وَالله مَا قتلت عُثْمَان وَلَا مالأت على قَتله
وَيُمكن لَو صحت هَذِه الرِّوَايَة أَن يكون هَذَا القَوْل من عُثْمَان لَيْسَ على سَبِيل التُّهْمَة لعَلي عَلَيْهِ السَّلَام بل على طَرِيق الاستزادة فِي وعظ الْقَوْم وكفهم وإرساله فِي هَذَا الْبَاب وَقد يَقُول الْإِنْسَان مثل هَذَا الْكَلَام إِذا حزبه الْأَمر وفجئه مَا يخافه على غير سَبِيل الظنة والتهمة
فَإِن قَالَ قَائِل فَإِذا كَانَ الْأَمر فِي هَذَا على مَا وصفتم من ظلم الْقَوْم لَهُ وتعديهم عَلَيْهِ فَمَا بَال الصَّحَابَة لم يسارعوا إِلَى إِنْكَار ذَلِك وصدهم عَنهُ وَأي عذر لَهُم فِي إِسْلَامه والتساهل فِي خذلانه قيل لَهُ معَاذ الله أَن يكون فيهم من خذله أَو قعد عَن نصرته عِنْد دُعَائِهِ لَهُم وَإِنَّمَا لزموا بُيُوتهم لِأَنَّهُ أَمرهم بذلك وكرره عَلَيْهِم وناشدهم الله عز وَجل وعرفهم أَن الجيوش توافيه وَأَنه لَا يرى منابذة الصَّحَابَة لأهل الْفِتْنَة وَإِنَّمَا يجب أَن يدفعوا بأمثالهم ووكد هَذَا القَوْل وضيقه على الْقَوْم وَقد جَاءَ زيد بن ثَابت شاكا فِي سلاحه وَقَالَ لَهُ