الْولَايَة وَقد كَانَ هَؤُلَاءِ النَّفر أهل نجدة وكفاية وبصر بالإمرة وقدرة عَلَيْهَا وَإِن لم يَكُونُوا زهادا وَقد كَانَ مُعَاوِيَة من أُمَرَاء عمر طول مدَّته فَمَا نقم عَلَيْهِ أحد
وَأما قَوْلهم إِنَّه كَانَ يُحِبهُمْ ويخصهم بالعطاء وَإنَّهُ أعْطى مَرْوَان جَمِيع خمس إفريقية فَإِنَّهُ بَاطِل وتوهم مِنْهُم وَقد كَانَ عُثْمَان أتقى لله وأنزه نفسا مَعَ إِنْفَاقه فِي سَبِيل الله وَكَثْرَة بذله لمَاله وَنَفسه فِي نصْرَة الدّين
وَقد ذكر أَنه إِنَّمَا أعْطى من مَال نَفسه وَقَالَ لَهُم مرّة فِي قسمه إِنَّمَا اقترضت من بَيت مَال الْمُسلمين وَهَذَا ضَعِيف لِأَنَّهُ كَانَ غير مُحْتَاج إِلَى اقتراض مَعَ سَعَة مَاله وَمَتى لم يثبت عَلَيْهِ ذَلِك لم يحل قرفه بِهِ
وَأما تعلقهم بِمَا أنكرته عَائِشَة وَغَيرهَا من تجاوزه فِي تَأْدِيب الصَّحَابَة الضَّرْب بِالدرةِ إِلَى الضَّرْب بالعصا فَلَا عتب عَلَيْهِ فِي ذَلِك لِأَن للْإِمَام التَّقْوِيم وَالضَّرْب بِالدرةِ من الْوَاحِد إِلَى الْألف مرّة بالعصا وَمرَّة بِالدرةِ وَمرَّة بالانتهار وَالْقَوْل وَلَو أَن عمر احْتَاجَ مَعَهم إِلَى الْعَصَا لفعل
وَأما مَا تعلقوا بِهِ من أَمر الْكتاب الَّذِي وجدوه مَعَ عَبده على بعيره وَمَا تضمنه فِي بابهم وَبَاب مُحَمَّد بن أبي بكر مِمَّا أَمر بِهِ عبد الله بن أبي سرح فَلَا حجَّة عَلَيْهِ من وُجُوه أَحدهَا أَنه اعْترف أَن العَبْد عَبده وَالْبَعِير بعيره وَحلف لَهُم أَنه مَا كتب الْكتاب وَلَا أَمر من كتبه
وَقد كَانَ من حق كل مُسلم سمع قسم عُثْمَان أَن يصدقهُ ويثق بقوله فضلا عَن يَمِينه وَأما افتياتهم عَلَيْهِ بعد ذَلِك وَقَوْلهمْ تسلم مَرْوَان لِأَنَّهُ هُوَ كَاتبه فَإِنَّهُ مُطَالبَة بِمَعْصِيَة لِأَنَّهُ سَأَلَ مَرْوَان عَن ذَلِك وَهُوَ يَوْمئِذٍ مَعَه فِي الدَّار فَأنْكر أَن يكون كتبه فَلم يجز لَهُ