من غير بأس، وأما ما عدا هذا فإنه وإن كان إنعاما عليها، فليس ذلك من حيث أنها حبلى، والإنعام على أن المولودين بالولد أكبر منه على الأم، لأن الولد إليه ينسب، وبه يعرف، وعليه مؤونته وإليه دعوته.
وقوله: (الفيل ما الفيثل وما أدراك ما الفيل) محاكاة لقوله: {القارعة ما القارعة، وما أدراك ما القارعة}. والمحاكاة قريبة المعنى من السرقة، وقد يحاكي الشاعر من ليس بشاعر، فيستوي له ذلك، ولو أراد أن يقول بيت شعر من ذي قبل لما قدر عليه.
وقوله: (ذنب طويل وشعر وتيل) من جملة الاسجاع التي قل أحد أن يعجز عن مثله. فإن كان ذلك كالقرآن، فالاسجاع كلها كالقرآن، ومهما بطل أن يكون ما قيل، هذا الكلام معارضة، وثبت أنه محاكاة وسرقة، فقد بطل الاعتداد به.
ولما ثبت لما بعده على الإنفراد حكم، لأن أكثر ما فيه أن يكون كمعارضة بعض السورة، وتلك مما لم يقع التحدي عليها، وهذا مع ما في قوله: (له ذنب طويل) من الخلف، لأن ذنب الفيل ليس بالقياس على مقادير أعضائه وجوارحه طويلا، ولا هو مما ينبغي أن يشار إليه إذا وصف خلقه، لأنه لا فرق فيه بينه وبين البعير، وإنما يقع تمييزه من غيره بالخرطوم والنابين والرأس والأذنين وعظم الجثة، وأكبار المفاصل حتى لا تلس للوقوع بالأرض، وإن وقع لم يقدر على القام، فهذه خصائصه.
ووجدنا قد قال: (ما أدراك ما الفيل) فلما أخذ فيث وصفه لم يعرفه بما استحق تعريفه، فدلنا ذلك على ركاكته وغباوته.
وأما قوله: (يا ضفدع نقي كم تنقين، لا الشراب تمنعين ولا الماء تدركين) فإنه أيضا من ركيك الكلام، المضاهي لترقيص نساء الأعراب وأولادهن من نحو قول إحداهن أشبه أيا أمك وأشبه حمل، ولا تكونن كلهوف، كل يصيح في مضجعة، قد انحدل وأرق إلى الخيرات وأربأ في الحيل، وعنه هقول من ربيب أباها فقال: وابناه، وابن لليل ليس سروب الفيل يضرب بالذيل كمقرن الحبل فإن كان هذا القول من مسيلمة معارضة القرآن، فكل واحد من كلام هاتين المرأتين معارضة وإلا فليعلم أن ليس كل سجع وكل كلام منقطع كالقرآن والله حسبه.