عندهم ثبت أن الكهانه إنما عجزوا عن الطعن في النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يدعوا أنه من طبقتهم، وواحد من حلتهم، لأنه لم يكن منهم، وكان صادقاً في قوله: أن الجنهة حجبوا عن السماء، وبطلت الكهانة وجاءت النبوة، ولولا ذلك لقالوا: ما ذكرنا أنهم لم يقولوه وزادوا على ذلك أنهم كانوا يشار كونه فيث مخبراته شياطينهم، يأتونهم بمثل ما كان يأتيه به شيطانهه، لو كان منهم، فكان يظهر بذلك أن الجن لم يحجبوا عن السماء، وإن الكهانة لم تبطل وسيبين للناس أنه منهم ومثلهم.
وفي انقطاع الكهانة وبطلانه امداد الكهان ما دل ان النبي صلى الله عليه وسلم كان صادقا في جميع ما قال، وأن العلم كان يأتيه من عند الله عىل لسان الملك، ولم يكن للجن إليه سبيل.
ومنها أن نبينا صلى الله عليه وسلم قد ثبت له أعلام لا يمكن أضافتها إلى الجن، نحو الماء ينبع من بين أصابعه فيث المحصب حتى توضأ من ثمانون رجلا.
والشتاء التي أكل منها سباع ماية رجل واكثر، وبقى الطعام مع ذلك بحاله، ونحو اشتقاق القمر وغير ذلك مما لا يمكن أن يكون للجن فيه عمل.
فيثبت بهذه الأعلام صدقه، ولم يجز معها ان يضاف إليها الكهانة أو هو قديرا منها، لأنه لو كان كاذبا في البراء بينها لما أيده الله تعالى بهذه المعجزات، وفي تأييده إياه بها، وجوب حكم للصدق والأمانة له، فصح أن الكفاية عنده مدفوعة والنبوة ثابتة وبالله التوفيق.
ومنها أن استراق السمع خيانة ونجس، وإفشاء ما يجري في الملأ من غير أن يأذن الله تعالى فيه خيانة، كل ذلك فسق ومعصية، فصح أن الشياطين الذين منهم يقع هذا يطرأ على شياطين الإنس الذي تقع منهم السرقات وإفشاء الأسرار وهتك الحرمات. ومعلوم ان هؤلاء إنما يسألون أمثالهم من أسرار الناس، ولا يسألون الصلحاء والبررة والأتقياء ولا يخالطونهم ولا يصحبونهم.
فدل ذلك على أن أمثالهم من الجنه إنم ايساكنون من الإنس الشرار والمردة وأهل الخبث والخلاعة، دون الأخيار وذوي الصلاح والأمانة والعفة.
وقد علم أن نبينا صلى الله عليه وسلم، كان أوفى الناس نفساً وأحمدهم شمائل، وأرضاهم انحاء ومذاهب، وأصدقهم لساناً وأبينهم أمانة. كذلك كان قبل النبوة، وكان يدعى بينهم