وقال: وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين}. وقال: {إنا أنزلناه قرآناً عربيأ لعلكم تعقلون}.
وآيات القرآن في هذا المعنى كثيرة، فإن عارض معارض بقول الله عز وجل في كتابه: {إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلاً ما تؤمنون، ولا بقول كاهن}.
وفي سورة أخرى: {إنه لقول رسول كريم ذي قوة، عند ذي العرش مكين، مطاع ثم أمين} وزعم أن هاتين الآيتين دلالة على أن القرآن كلام جبريل، قيل أنه ليس معنى الآية ما توهمت لأن الله عز وجل قال في آية أخرى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله}
فأثبت أن القرآن كلامه، ولا يجوز أن يكون كلامه وكلام جبريل معاً، فثبت أن معنى قوله: {إنه لقول رسول كريم} (أي قول تلقاه عن رسول كريم أو نزل عليه رسول كريم).
فدل على هذا أن الله جل جلاله قال: {لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله}. فثبت أن القرآن معجز. فلو كان من وضع جبريل لم يكن معجزاً لأن المعجز ما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل.
فإن قال قائل: ما أنكرتم أن يكون قول الله عز وجل: {إنه لقول رسول كريم}. يجري على ظاهره، ويكون معنى قوله حتى يسمع كلام الله أي الكلام الذي أمر الله عز وجل جبريل بإلقائه إلى نبيه.
فأما قوله تعالى: {وهذا كتاب أنزلناه} وسائر ما في مثل معناه، فإن وجهه: أن الله عز وجل إذا أمر جبريل أن ينزل على نبيه كتاباً ثم يحمله إليه، ففعل الكتاب ذلك أن يقال: هذا كتاب ذلك الملك، صدر بأمره أو بعلمه.
وأما الإعجاز فقد يجوز أن يوصف به القرآن، وإن كان من قول جبريل لأن الملك يقدر على ما لا تقدر عليه الإنس والجن، ولم يذكر الله عز وجل في التعجيز عن الإتيان بمثل