بعض لأن منهم من جحد ربه أصلا، ومنهم من جحد رسله كلهم، ومنهم من أقر بهم إلا بواحد منهم، ولا شك أنهم متفاوتون في العذاب، ولولا ذلك لم يقل الله عز وجل: {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار} فلما قال: علمنا أن للنار دركات، كما أن للجنة درجات.
وقد يجوز أن يكون بعض أهلها يحشرون مشاة على الأقدام، وبعضهم مشاة على الوجوه، وجاء شرهم وسابقهم في الحالين النار والله أعلم.
وقد قال الله عز وجل فيما ذكرهم به: {ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا} فقيل في تفسير: عطاش.
وقيل في تقريب هذا المعنى: إن الإبل لا تورد الماء إلا بعد أن تعطش، فكأنه قال: ونسوق المجرمين إلى جهنم أو زاد الإبل لشدة ما بهم من العطش. وقد يجوز أن يكونوا سموا أورادا، لأنهم يشربون الحميم في جهنم شرب الهيم.
وأما العطش الحادث عليهم فهو بشقيق من الله عز وجل عليهم، والأخبار تدل على أن العطش يعم الناس، ذليل كلهم في ذلك اليوم إلا المتقون، يسقون من حوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولذلك قال في صفة من شرب منه شربة لم يظمأ أبدا.
وأما الكفار فلا يسكن عطشهم، ولكن يزداد عطشهم فوق عطش المؤمن، لأن عطش المؤمن إنما هو تعريض من الله تعالى إياهم، لا يكرمهم بالسقي من حوض المصطفى صلى الله عليه وسلم، فيجدوا لذة الماء وطيبه، إذ كان الريان لا يستلذ كما يستلذ العطشان.
وعطش الكافر تشديد وتفسير ذلك المشي والوقوف عليهم وتعويض الله تعالى المؤمنين ما ذكرنا زيادة في التشقيق على الكافرين، فإنهم إذا علموا أن هناك ما يمكن منه المؤمنون، ولا يمكن منه الكافرين، كان ذلك أشق عليهم من أن يكون عندهم إلا ما يرده أحد مؤمنا كان أو كافرا والله أعلم.
وقد يحتمل أن تكون شدة عطش الكافر يومئذ للجهد الذي يلحقه من المشي على قدميه أو على وجهه مسرعا، من دنو النار العظيمة منه، لأنه سابقة وحاشرة على ما ورد به الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم.