وقيل: أنها تصير الفروج لها والأبواب من قبل السقف والله أعلم.
ودل القرآن على أن الملائكة يومئذ يكونون من بين الناس أجمعين، وإنهم يسوقون الكفار إلى النار، ويلقونهم فيها، ويعذبونهم من حيث يرونهم، فإنه عز وجل قال حكاية عنهم: {وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا، لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا، يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين، ويقولون حجرا محجورا} فابان إنهم يرونهم يوم القيامة.
ووردت الأخبار بان الناس في قيامهم يعرفون حتى يبلغ الرسخ نصاف آذانهم ويسيل عنهم سبعين ذراعا، فقيل أن ذلك من شدة الحر. فيحتمل أن يكون ذل بثني الأفلاك وانحلالها. وأجمعت الأقاويل على أن الفلك المحيطة بالأملاك نار محضة.
وفي أخبار المسلمين أن فوق السموات نارا، وإن لم يكن فيها أنه فلك، وإن اسمها الأثير، كما سماه الذين ذكرناهم به، فإن كان ذلك مأخوذا لهم عن شيء، فتلك النار من جملة هذا العالم، لا فرق بينهما وبين سائر الأفلاك وغيرها من أجزاء السموات والكواكب، فلا يخلو من أن يلحقها ما يغيرها عن حالها الأولى، كما يلحق غيرها من أبعاض العالم.
وإذا كانت الكواكب منيرة، فتشبه ولا تبعد بقطع تلك النار وتنزل سفلا، فيجمع بينهما وبين نار جهنم، كما جمع زمن الطوفان، بين ماء السماء وماء الأرض. قال الله عز وجل: {ففتحنا أبواب السماء بمار منهمر، وفجرنا الأرض عيونا} فالتقى الماء على أمر قد قدر.
وإن كان هذا كما وصفنا، فقد يمكن أن يكون اشتقاق للسماء من أنها إذا وهت وانحلت تدانت ودنت الغالبة منها بعد أن كانت شديدة البعد حدا فتكون بغيرها من هذا الوجه لا من النار التي تكون في السفل والله أعلم.
ثم تكون الحمله- والله أعلم- في بعث الناس قبل هذه الكوائن، أن يشاهدوها فيكون ذلك اشد لتكذيب الذين كانوا يقولون في الدنيا أن هذا العالم لم يزل على ما هو عليه، فلا يزال على ذلك أيضا .. وتصديق الذين كانوا يؤمنون بانقضائه وزواله، إذا العلم يقع للفريقين