كما أسجدتهم لك، أو رب كلمني كما كملت موسى، أو أسر بي هذه الليلة إلى المسجد الأقصى كما أسريت بمحمد صلى الله عليه وسلم.
فإذا كانت هذه الدعوات مما لا يجوز الاجتراء على الله بها، فالأولى أمثالها والله أعلم.
وقد يجوز أن تحدث للعبد حاجة وضرورة فيسأل الله عز وجل كشفها عنه سؤالا مطلقا، إلا أن الله عز وجل عند الإجابة ينقص له عادة أو يفعل ذلك به من غير مسكنة جزاء له لتوكله وقوة إيمانه، مثل أن يكون في بادية لم يدخلها إلا في ثواب الله عز وجل على وجه ما دون له فيه، فتصيبه مخمصة شديدة، وليس معه ولا قربه أحد. فيقول: اللهم ادفع عني الجوع بما شئت فيحدث الله مكانه طعاما فيأكله.
وإن أصابه برد شديد خاف على نفسه منه ولم يكن له ما يتدثر به، فيقول: اللهم اصرف عني البرد بما شئت، فيحدث له كسوة ليلبسها. أو يشبع الأول بلا طعام، ويدفئ الثاني بلا كسوة.
ومثل هذا أن يسأل الله تعالى أعمى لا قائد له، ولا أحد يسعى في حوائجه أن يرحمه ويكفيه بما شاء في وجوه كفاياته فيرد البصر عليه مكانه. لأن هذه ضرورات واقعة لا كاشف عنها إلا الله جل ثناؤه. فمن رغب عن هذه المسألة مع حدوث الضرورة فلم يوف العبودة حقها.
وإذا صح السؤال من العبد ووقع موقع الجوار، فكثر ما أجاب الله به دعوته، فهو داخل في حد المحكمة، وليس يثني منه تخارج عنه والله أعلم.
وأما الفصل الثاني:
فهو أن ليس لأحد أن يسأل الله سبحانه وتعالى خمرا يشربها، وامرأة يزني بها أو الظفر على غير حرج ليقطع عليها ونحو ذلك. قال الله تعالى لو أجاب دعاءه، ويسر له ما يسأله لكان قد أباحه ذلك، وأطلقه له ولم يكن عليه فعل شيء من ذلك ما تم، ولما كان بموقع التحليل من الله تعالى لذلك محالا صح أن دعاءه ومسألة تيسيره وتسهيله محال غير جاز والله أعلم.
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من مسلم يدعو الله ليس بشيء فيها قطيعة رحم ولا إثم