لأنه إذا دعا بالجوامع فقد سأل الله تعالى من كل خير، وإذا اقتصر على حسنة بعينها، فقد قصر في النظر لنفسه، فلا ينبغي له أن يععدل عن الجوامع إلا أن تعرض له حاجة بعينها. فينبغي في المسألة عليها مثل أن يمرض له من يعز عليه أو يغيب أو يصل إليه قال أو يخاف أحدا، فيدعو الدعاء الجامع ويضم إليه الفرد الذي وجب الحال إلى مسألته والله أعلم.
وأما الفصل الثامن: فهو الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا دعا أحدكم فليحمد الله ثم ليصلي على نبيه ثم ليسل) وقال: (كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله أقطع) والدعاء أمر ذو بال وقد يجوز أن يكون المعنى في حمد الله مدحه والثناء عليه وهذا شيء لا يخلو الدعاء منه.
وقد يجوز أن يكون المعنى شكره على سوالف نعمه، رجاء أن يجعل الله ذلك الشكر سببا للمزيد، وأن تكون إجابة الدعاء مما تزيد، وإذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في أول الدعاء صلى الله عليه في آخر الدعاء، كما أنه يثني على الله تعالى ويذكره بمدائحه في طرفي الدعاء جميعا، وذلك إرجاء أن لا يميز الله تعالى دعاءه فيجب ويرد بعضه، وقد يكون لأن الدعاء وأركانه وآدابه إنما أخذ عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى لسانه علمنا الله تعالى ما علم.
فيقضي ختمه عند الدعاء فرحا بما علمناه منه واعتدادا بالنعمة وجزيل الحظ فيه بأن يدعوا له قبل الدعاء الذي يكون في نفوسنا وبعده لما تدعوا له في صلاتنا بعد ذكر الله تعالى لهذا المعنى والله أعلم.
وأما الفصل التاسع: هو الدعاء في حال الطهارة، فإنه يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم "توضأ حين دعا لأهل المدنية، وأمر عائشة أن تتوضأ ثم تدعو وهذا لأن الدعاء ذكر يراد به العبادة فهو كقراءة القرآن والأذان والخطبة، وكل منها تستحب له الطهارة، فاستحب للدعاء".
وأما الفصل العاشر: وهو استقبال القبلة، فإنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استقبل القبلة حين دعا لأهل المدينة وحين دعا يوم بدر وهذا لأن استقبال القبلة في كل مجلس مستحب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أشرف المجالس ما استقبل به القبلة" فهو باب