وقال عليه الصلاة والسلام «سبحان من وسع سمعه الأصوات» ومعنى ذلك من قوله: أنه لو جاز أن يسمع بغير سمع لجاز أن يعلم بغير علم. وذلك محال. فهو عالم بعلم، سميع بسمع.
ومذهب أبى عبد الله أحمد بن حنبل رضى الله عنه: أن لله عزّ وجل وجها.
لا كالصور المصورة، والأعيان المخططة، بل وجه وصفه بقوله {كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ} ومن غيّر معناه فقد ألحد عنه. وذلك عنده وجه فى الحقيقة، دون المجاز ووجه الله باق لا يبلى، وصفة له لا تفنى، ومن ادعى أن وجهه نفسه فقد ألحد.
ومن غيّر معناه فقد كفر. وليس معنى «وجه» معنى «جسد» عنده.
ولا «صورة» ولا «تخطيط» ومن قال ذلك فقد ابتدع.
وكان يقول: إن لله تعالى يدين. وهما صفة له فى ذاته، ليستا بجارحتين، وليستا بمركبتين ولا جسم، ولا من جنس الأجسام ولا من جنس المحدود، والتركيب ولا الأبعاض والجوارح، ولا يقاس على ذلك، ولا له مرفق، ولا عضد، ولا فيما يقتضى ذلك من إطلاق قولهم «يد» إلا ما نطق القرآن به، أو صحت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم السنة فيه. قال الله تعالى {بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ} وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «كلتا يديه يمين» وقال الله عزّ وجل {ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ؟} وقال {وَالسَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ} ويفسد أن تكون يده القوة والنعمة والتفضل. لأن جمع يد: أيد. وجمع تلك أياد.
ولو كانت اليد عنده القوة لسقطت فضيلة آدم. وثبتت حجة إبليس.
وكان يقول: إن الله تعالى علما، وهو عالم بعلم، لقوله تعالى {(وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) *} ولقوله {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاّ بِما شاءَ} وذلك فى القرآن كثير. وقد بينه الله عزّ وجل بيانا شافيا بقوله عزّ وجل {لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} وقال {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ} وقال {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ} وهذا يدل على أنه عالم بعلم، وأن علمه بخلاف العلوم المحدثة التى يشوبها الجهل،