ما لا يريده: بطلت الربوبية. وذلك مثل أن يكون فى ملكه ما لا يعلمه، تعالى الله علوا كبيرا.
قال أحمد بن حنبل: ولو شاء الله أن يزيل فعل الفاعلين مما كرهه أزاله.
ولو شاء أن يجمع خلقه على شئ واحد لفعله. إذ هو قادر على ذلك، ولا يلحقه عجز ولا ضعف، ولكنه كان من خلقه ما علم وأراد. فليس بمغلوب ولا مقهور، ولا سفيه ولا عاجز، برئ من لواحق التقصير. وقرأ قوله تعالى {وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها} {وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى} {(وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً}) وهو عزّ وجل لا يوصف - إذا منع - بالبخل: لأن البخيل هو الذى يمنع ما وجب عليه. فأما من كان متفضلا فله أن يفعل، وله أن لا يفعل.
واحتج رجل من أصحابنا - يعرف بأبى بكر بن بن أحمد بن هاني الاسكافى الأثرم - فقال: جعل الله تعالى العقوبة بدلا من الجرم الذى كان من عبده. وهو مريد للعقوبة على الجرم. وفى ذلك دليل واضح على أنه مريد لما أوجب العقوبة.
لأن كل من أراد البدل من الشئ فقد أراد المبدل، ليصح بدله. وليس يصح إرادته للبدل حتى يصح البدل.
وأيضا فقد خلق الله من يعلم أنه يكفر، ولم يكن بذلك سفيها ولا عابثا.
وكذلك أيضا إذا أراد سفههم لا يكون سفيها، ولو جاز أن يقع من الفاعلين فعل لا يريده الله، ولا يلحقه فى ذلك ضعف، ولا وهن ولا عجز، ولا غلبة ولا قهر.
لأنه قادر أن يلجئهم إليه: كان جائزا أن يقع منه فعل لا يريده. ولا يقع منه ضعف، ولا وهن ولا تقصير. لأنه قادر على تكوينه وإيقاعه. وإذا بطل هذا بطل أن يكون من الأفعال ما لا يريده.
وذهب أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى إلى أن عدل الله عزّ وجل لا يدرك بالعقول؛ فلأجل ذلك كان من حمله على عقله جوّره.
وشرح بعض أصحابه ذلك فقال: لما كان الله سبحانه وتعالى لا يتصور