وَقَول عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: كَانَ وَالله حورياً يسبح وَحده. وَقَول عبد الله بن مَسْعُود: كَانَ أعلمنَا بِاللَّه وأفهمنا فِي دين الله.
ثمَّ مَا ثَبت عَن الرَّسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من تفخيمه، وجلالة مَا ذكر من مناقبه، فِي كَمَال علمه وَتَمام قوته، وصائب الهامه وفراسته، وَمَا قرن بِشَأْنِهِ من السكينَة وَغير ذَلِك من ورعه وخوفه وزهده ورأفته بِالْمُؤْمِنِينَ وغلظته وفظاظته على الْمُنَافِقين والكافرين، وَأَخذه بالحزم والحياطة وَحسن الرِّعَايَة، والسياسة وَبسطه الْعدْل، وَلم يكن يَأْخُذهُ فِي الله تَعَالَى لومة لائم.
فَإِن زعم أَن عليا رَضِي الله عَنهُ كَانَ أعلم مِنْهُ.
قيل لَهُ: من أَيْن قلت ذَلِك؟
فَإِن قَالَ: لِأَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: أقضاكم عَليّ، وَإِن عمر كَانَ يشاوره فِي النَّوَازِل والحوادث.
قيل لَهُ: أما الَّذِي ذكرت من قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أقضاكم عَليّ.
فَلَو ثَبت لَكَانَ فِيهِ لنا الْحجَّة عَلَيْك فَإِن قَالَ كَيفَ؟ قيل لِأَن فِي هَذَا الْخَبَر: وأفرضكم زيد، وَأعْلمكُمْ بالحلال وَالْحرَام معَاذ وأقرأكم لكتاب الله تَعَالَى أبي.
فَكيف يكون أعلم وَغَيره أفرض وَأعلم بالحلال والرام وأقرأ لكتاب الله تبَارك وَتَعَالَى مِنْهُ
وَهَذَا لَا يحْتَج بِهِ من لَهُ عقل وَنظر، مَعَ أَن الحَدِيث الَّذِي اعتللت بِهِ