شيخ الإسلام ابن تيمية إذ يقول:-
"وكل من عرف سير الناس وملوكهم، رأى كل من كان أنصر لدين الإسلام، وأعظم جهاداً لأعدائه وأقوم بطاعة الله ورسوله أعظم نصرة وطاعة وحرمة، من عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وإلى الآن. (١) "
٥- تعصّب جان موريس فييه ضد القادر بالله، واتهمه بضعف الشخصية، وعدم الاستقلال برأيه!!
حيث عقد مبحثاً مستقلاً عن أحوال النصارى من خلافة القادر (٢) ، وحوى ذلك المبحث جملة من المغالطات والأكاذيب التي ليس هذا موضع فقدها.
والذي يهمنا في هذا الموطن، ما ادّعاه من ضعف القادر، وأن سبب طول حياته بسبب ضعف سلطته!
وذاك تحامل مكشوف، ودعوى مردودة، لاسيما وأن الكاتب نفسه قد نقض ذلك، حيث اعترف بتدّخل الخليفة - في حادثة جنازة النصرانية- ومبادرته إلى علاج هذه الفتنة وقدرته على احتوائها، وإن إظهاره الشروط العمرية سبب في تحقيق الهدوء!
وكيف يوصف القادر بالله بضعف الشخصية، وأنه لا يستقل برأي، وقد أعاد للخلافة ناموسها، وألقى الله هيبته في قلوب الخلق - كما سبق ذكره- كما أنه استتاب أهل البدع - مع اشتهارهم- وغلّظ عليهم، وهتك أحوال العبيديين - وهم في أوج تسلّطهم - وشجع على كشف أستارهم وزندقتهم - كما سيأتي بيانه- إضافة إلى إظهاره الشروط العمرية، وظهور قوته تجاه البويهيين (٣) !؟
وكما يقول د. عبد المجيد بدوي:-: "كان القادر نسيجاً وحده بين الخلفاء من بني العباس الذين عاصروا بني بويه، فلا غرابة أن يكون أقواهم، وأن يكون أول خليفة يعلن التمرد على البويهيين، ويحاول التخلص من سيطرتهم (٤) ."
(١) . مجموع الفتاوى ٢٨/٦٤٠.
(٢) . انظر: أحوال النصارى في خلافة بني العباس صـ ٢٥٥ - ٢٧٥.
(٣) . انظر: التاريخ السياسي والفكري للمذهب السني لعبد المجيد البدوي صـ ٦٤.
(٤) . المرجع السابق صـ ٦٤.