وقال الحافظ الذهبي:-
"وفيها استتاب القادر بالله - وكان صاحب سنّة- طائفة من المعتزلة والرافضة، وأخذ خطوطهم بالتوبة. (١) "
وقال ابن القيم (٢) :-
"وكان القادر قد استتاب من خرج عن السنة من المعتزلة والرافضة ونحوهم.. فتحرك ولاة الأمور لإظهار السنة. (٣) "
(ونسوق دليلاً ثالثاً على جهود القادر في إظهار مذهب أهل السنة، ومحاربة البدعة، كما في الواقعة الآتية:
ففي سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة أحضرتْ الشيعة مصحفاً، يدّعون أنه مصحف عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - وهو يخالف المصاحف كلها، فجمع الأشراف والقضاة والفقهاء، وعرض المصحف عليهم، فأشار أبو حامد الأسفراييني بتحريقه، ففعل ذلك بمحضر منهم، لغضب الشيعة غضباً شديداً، وعزموا على إيذاء أبي حامد، وأوقعوا شغباً وفتنة، فغضب الخليفة القادر، وأرسل أعوانه لنصرة أهل السنة، وعوقب من كانت له يد في الفتنة، فهدأت البلاد، واستقرت الأحوال. (٤)
فهؤلاء العلماء - بما آتاهم الله من علم وبصيرة، وقوة وشجاعة في دين الله - أفتوا بتحريق هذا المصحف، وأوقعوه، وأما الخليفة القادر فقد أخمد الفتنة، وأزال شغب الشيعة وبغيهم.
(ومن محامد الخليفة القادر أنه عزل خطباء الشيعة، واستبدل بهم خطباء من أهل السنة.
وحكى ابن كثير هذه المحمدة قائلاً: " وعزل خطباء الشيعة، وولى خطباء السنة، ولله الحمد وعلى ذلك وغيره. (٥) "
ومن ذلك أن خطيب جامع براثا - وبراثا مأوى الرافضة- كان شيعياً غالياً،
(١) . العبر ٣/٩٨.
(٢) . هو الشيخ العلامة شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي، برع في علوم متعددة، كان واسع العلم، عارفاً بالخلاف ومذهب السلف، له تصانيف كثيرة، توفي بدمشق سنة ٧٥١هـ.
انظر: البداية ١٤/٢٣٤، والدرر الكامنة ٤/٢١.
(٣) . الصواعق المرسلة ٤/١٢٨٦.
(٤) . انظر: المنتظم ١٥/٥٩، وطبقات الشافعية للسبكي ٤/٦٥، والبداية ١١/٣٣٨، ٣٣٩، وتاريخ الخلفاء للسيوطي صـ ٤٨٨.
(٥) . البداية ١٢/٢٦.