القول بخلق القرآن، وأن من تعلم علم الكلام لو تكلم فيه فالمطبق مأواه إلى أن يموت، وأمر الناس أن لا يشتغل أحد إلا بالكتاب والسنة لا غير، ثم أظهر إكرام الإمام أحمد بن حنبل.. وارتفعت السنة جداً في أيام المتوكل عفا الله عنه، وكان لا يولي أحداً إلا بعد مشورة الإمام أحمد.. (١) "
لقد أظهر المتوكل السنة ونشر الحديث، فأمر الفقهاء والمحدثين أن يجلسوا للناس، وأن يحدثوا بالأحاديث التي فيها الردّ على المعتزلة والجهمية، وأن يحدثوا بالأحاديث في الرؤية والصفات. (٢)
وساق الخطيب البغدادي بسنده أن إبراهيم بن محمد التيمي قاضي البصرة يقول: "والخلفاء ثلاثة أبو بكر الصدّيق، قاتل أهل الردة حتى استجابوا له، وعمر بن عبد العزيز ردّ مظالم بني أمية، والمتوكل محا البدعة وأظهر السنة. (٣) "
وأما عن إقامته شرع الله تعالى في أهل الذمة، فيتمثّل ذلك بإلزامهم الشروط العُمرية، وهدم ما استحدثوا من الكنائس.
ولذا قال ابن تيمية: "وكان في أيام المتوكل قد عزّ الإسلام، حتى ألزم أهل الذمة بالشروط العمرية، وألزموا الصغار. (٤) "
ولما ألزم المتوكل أهل الكتاب بشروط عمر الفاروق - رضي الله عنه - ، استفتى علماء وقته في هدم الكنائس والبيع، فأجابوه، فبعث بأجوبتهم إلى الإمام أحمد، فأجابه بهدم كنائس سواد العراق. (٥)
وقد بسط ذلك ابن كثير في تاريخه، فكان مما قاله:-
"أمر المتوكل أهل الذمة أن يتميزوا عن المسلمين في لباسهم وعمائمهم وثيابهم.. وأن لا يُستعملوا في شيء من الدواوين التي يكون لهم فيها حكم على مسلم، وأمر بتخريب كنائسهم المحدثة.. وأمر بتسوية قبورهم بالأرض، وكتب بذلك إلى سائر الأقاليم والآفاق. (٦) "
ومن محامد المتوكل أنه صادر أموال أحمد بن أبي داود، وسجن أصحابه، وأطلق من
(١) . البداية ١٠/٣١٦ = باختصار
(٢) . انظر: المنتظم ١١/٢٠٧، وسير أعلام النبلاء ١٢/٣٤.
(٣) . تاريخ بغداد ٧/١٧٠، وانظر: المنتظم ١١/١٧٠.
(٤) . نقض المنطق صـ ٢٠.
(٥) . انظر: جامع المسائل لابن تيمية ٣/٢٧٠، وأحكام أهل الذمة ٢/٦٩١، ٦٩٣، ٧٠٠.
(٦) . البداية ١٠/٣١٣، ٣١٤ = باختصار، وانظر: تاريخ الطبري ٩/١٩٦، والكامل لابن الأثير ٧/٥٢، والمنتظم ١١/٢٢٢، ٢٣٨، ٢٦٥، وسير أعلام النبلاء ١٢/٣٤.