وَثَبت غرس الْعقل فِي الْقلب مثمرا ... لباغي الحيا استقباح كل رذيلة
وَمَا وصلت نفس إِلَى عَالم الصَّفَا ... بِمَا دون تَحْصِيل الْعُلُوم الجلية
وتمييزها عَن نوعها بمعارف ... يروجها فِي عَالم البشرية
وَقد يمْلَأ الْقطر الاناء فيمتلي ... بِهِ المَاء حَتَّى لَا مزِيد لقطرة
فاخرجتني عني بادخال محنة ... واوحشتني مني بأنس محبَّة
وأسقيتني من خمر حبك شربة ... خماري بهَا بَاقٍ إِلَى يَوْم بعثتي
محاني بهَا سكري وأثبتني مَعًا ... فأعجب شَيْء أَن مَا حَيّ مثبتي
وَأقر بتني من رمز طرسي أسطرا ... فتمت بهَا تَفْصِيل عقدك جملتي
وأقررتني مني عَليّ بأنني ... صحيفَة سر طيها فِيهِ نشرتي
وأفشيت بِي سري إِلَيّ فَأَصْبَحت ... وَقد أعربت إِذْ أفصحت عَنهُ عجمتي
وأفهمتني مني بِأَن لَيْسَ موطني ... مَكَانا بِهِ فِي عَالم الْحس نشأتي
فأبهمت مَا أفهمت إِذْ لَيْسَ مدرك ... لذَلِك إِلَّا من خصصت بحكمة
وَمن ذَا الَّذِي خصصت مِنْك بحكمة ... وَلم تَكُ قد عممت مِنْك برحمة
فكم اظهرت تِلْكَ الاشارات خافيا ... وان عزبت عَن فهم قوم ودقت
وَمَا لَاحَ ذَاك الْبَرْق الا ليهتدي ... بِهِ الركب لَكِن ظلمَة الْجَهْل أعمت
لقد سمع الواعي وَقل الَّذِي وعي ... لسكر بِهِ أَهْوى أصمت فأصمت
وَكم لَك دَاع مِنْك فِيك مبصر ... لعقلك لَكِن لست تصغي لدَعْوَة