المقدمة الثانية
في تعيين قانون يبنى عليه تعديد الفرق الإسلامية:
اعلم أن لأصحاب المقالات طرقا في تعديد الفرق الإسلامية، لا على قانون مستند إلى أصل ونص، ولا على قاعدة مخبرة عن الوجود. فما وجدت مصنفين منهم متفقين على منهاج واحد في تعديد الفرق.
ومن المعلوم الذي لا مراء فيه أن ليس كل من تميز عن غيره بمقالة ما؛ في مسألة ما، عد صاحب مقالة. وإلا فتكاد تخرج المقالات عن حد الحصر والعد. ويكون من انفرد بمسألة في أحكام الجواهر مثلا معدودا في عداد أصحاب المقالات. فلا بد إذن من ضابط في مسائل هي أصول وقواعد يكون الاختلاف فيها اختلافا يعتبر مقالة، ويعد صاحبه صاحب مقالة.
وما وجدت لأحد من أرباب المقالات عناية بتقرير هذا الضابط، إلا أنهم استرسلوا١ في إيراد مذاهب الأمة كيف اتفق، وعلى الوجه الذي وجد، لا على قانون مستقر، وأصل مستمر. فاجتهدت على ما تيسر من التقدير، وتقدر من التيسير حتى حصرتها في أربع قواعد، هي الأصول الكبار.
القاعدة الأولى: الصفات والتوحيد فيها. وهي تشتمل على مسائل: الصفات الأزلية، إثباتا عند جماعة، ونفيا عند جماعة. وبيان صفات الذات، وصفات الفعل، وما يجب لله تعالى، وما يجوز عليه، وما يستحيل, وفيها الخلاف بين الأشعرية، والكرامية، والمجسمة والمعتزلة.
القاعدة الثانية: القدر والعدل فيه، وهي تشتمل على مسائل: القضاء، والقدر، والجبر والكسب، وإرادة الخير والشر، والمقدور، والمعلوم؛ إثباتا عند جماعة، ونفيا
١ استرسل في الكلام: بسطه.