الباب الرابع: أهل الأهواء والنحل
مدخل
...
الباب الرابع: أهل الأهواء والنحل
من الصابئة، والفلاسفة، وآراء العرب في الجاهلية، وآراء الهند. وهؤلاء يقابلون أرباب الديانات تقابل التضاد، كما ذكرنا. واعتمادهم على الفطرة السليمة، والعقل الكامل، والذهن الصافي.
فمن معطل بطال، لا يرد عليه فكره براد، ولا يهديه عقله ونظره إلى اعتقاد، ولا يرشده فكره وذهنه إلى معاد، قد ألف المحسوس وركن إليه, وظن أنه لا عالم سوى ما هو فيه من مطعم شهي, ومنظر بهي، ولا عالم وراء هذا المحسوس. وهؤلاء هم الطبيعيون الدهريون, لا يثبتون معقولا.
ومن محصل نوع تحصيل، قد ترقى عن المحسوس، وأثبت المعقول، لكنه لا يقول بحدود، وأحكام، وشريعة، وإسلام، ويظن أنه إذا حصل المعقول، وأثبت للعالم مبدأ ومعادا وصل إلى الكمال المطلوب من جنسه، فتكون سعادته على قدر إحاطته وعلمه، وشقاوته بقدر سفاهته وجهله. وعقله هو المستبد بتحصيل هذه السعادة، ووضعه هو المستعد لقبول تلك الشقاوة. وهؤلاء هم الفلاسفة الإلهيون.
قالوا: الشرائع وأصحابها: أمور مصلحية عامية، والحدود, والأحكام, والحلال, والحرام: أمور وضعية، وأصحاب الشرائع رجال لهم حكم عملية، وربما يؤيدون من عند واهب الصور بإثبات أحكام، ووضع حلال وحرام: مصلحة للعباد، وعمارة للبلاد، وما يخبرون عنه من الأمور الكائنة في حال من أحوال عالم الروحانيين من الملائكة