بالطبيعة التي اختلفت بالكون والفساد، ومؤدبي أفادني العقل الذي به انطلقت إلى ما ليس فيه كون ولا فساد.
وجلس الإسكندر يوما فلم يسأله أحد حاجة، فقال لأصحابه: والله ما أعد هذا اليوم من أيام عمري في ملكي. قيل: ولم أيها الملك؟ قال: لأن الملك لا يوجد التلذذ به إلا بالجود على السائل، وإغاثة الملهوف، ومكافأة المحسن، وإلا بإنالة الراغب، وإسعاف الطالب.
وكتب إليه أرسطوطاليس في كلام طويل: اجمع في سياستك بين بدار١ لا حدة فيه، وريث لا غفلة معه، وامزج كل شكل بشكله حتى يزداد قوة وعزة عن ضده حتى يتميز لك بصورته، وصن وعدك عن الخلف، فإنه شين، وشب وعيدك بالعفو، فإنه زين، وكن عبدا للحق، فإن عبد الحق حر، وليكن وكدك٢ الإحسان إلى جميع الخلق، ومن الإحسان وضع الإساءة في موضعها. وأظهر لأهلك أنك منهم، ولأصحابك أنك بهم، ولرعيتك أنك لهم.
وتشاور الحكماء في أن يسجدوا له إجلالا وتعظيما، فقال: لا سجود لغير بارئ الكل، بل يحق له السجود على من كساه بهجة الفضائل.
وأغلظ له رجل من أهل أثينية فقام إليه بعض قواده ليقابله بالواجب، فقال له الإسكندر: دعه لا تنحط إلى دناءته، ولكن ارفعه إلى شرفك.
وقال الإسكندر: من كنت تحب الحياة لأجله، فلا تستعظم الموت بسببه.
وقيل له: إن "روشنك" امرأتك بنت دارا الملك، وهي من أجمل النساء، فلو قربتها إلى نفسك! قال: أكره أن يقال: غلب الإسكندر دارا وغلبت روشنك الإسكندر.
١ بادر بدارا: أسرع.
٢ الوكد: القصد والممارسة.