وممن كان يؤمن بالخالق تعالى، وبخلق آدم عليه السلام: عبد لطابخة بن ثعلب بن وبرة من قضاعة، وقال فيه:
وأدعوك يا ربي بما أنت أهله ... دعاء غريق قد تشبث بالعصم١
لأنك اهل الحمد والخير كله ... وذو الطول لم تعجل بسخط ولم تلم٢
وأنت الذي لم يحيه الدهر ثانيا ... ولم ير عبد منك في صالح وجم٣
وأنت القديم الأول الماجد الذي ... تبدأت خلق الناس في أكثم العدم٤
وأنت الذي أحللتني غيب ظلمة ... إلى ظلمة من صلب آدم في ظلم
من هؤلاء: النابغة الذبياني، آمن بيوم الحساب، فقال:
فعلتهم ذات الإله، ودينهم ... قويم فما يرجون غير العواقب
وأراد بذلك الجزاء بالأعمال.
ومن هؤلاء: زهير بن أبي سلمى المزني، وكان يمر بالعضاة٥ وقد أورقت بعد يبس فيقول: لولا أن تسبني العرب لآمنت أن الذي أحياك بعد يبس سيحيي العظام وهي رميم ثم آمن بعد ذلك، وقال في قصيدته التي أولها:
أمن أم أوفى دمنة لم تكلم ... ...
وهي من السبعيات:
يؤخر فيوضع في كتاب فيدخر ... ليوم حساب أو يعجل فينقم
١ شبث وتشبث بالشيء: تعلق به، والعصم على وزن كتب: جمع عصام، وهو رباط القربة وسيرها الذي تحمل به، وبقية كل شيء. والعصم على وزن عنب جمع عصمة، وهي ملكة اجتناب المعاصي أو الخطأ.
٢ الطول، يفتح الطاء وسكون الواو، الغنى والعطاء والقدرة.
٣ الوجم، البخيل، اللئيم.
٤ من معاني "أكثم": ملأ، يقال: أكثرم القربة. وأكثم في بيته: توارى فيه، ومعنى "أكثم العدم": العدم المجهول.
٥ العضاه: كل شجر يعظم وله شوك. الواحدة، عضاهة وعضة.