وجاءوا بماء بارد يغسلونني ... فيالك من غسل سيتبعه كبر
قال: وكانوا يكفنون موتاهم، ويصلون عليهم، وكانت صلاتهم إذا مات الرجل حمل على سريره، ثم يقوم وليه فيذكر محاسنه كلها، ويثنى عليه، ثم يدفن، ثم يقول: عليك رحمة الله وبركاته.
وقال رجل من كلب في الجاهلية لابن ابن له:
أعمرو إن هلكت وكنت حيا ... فإني مكثر لك في صلاتي
وأجعل نصف مالي لابن سام ... حياتي إن حييت وفي مماتي
قال: وكانوا يداومون على طهارات الفطرة التي ابتلى بها إبراهيم عليه السلام، وهي الكلمات العشر، فإنهن خمس في الرأس، وخمس في الجسد. فأما اللواتي في الرأس: فالمضمضة، والاستنشاق، وقص الشارب، والفرق، والسواك. وأما اللواتي في الجسد: فالاستنجاء، وتقليم الأظافر، نتف الإبط، وحلق العانة، والختان. فلما جاء الإسلام قررها سنة من السنن.
وكانوا يقطعون يد السارق اليمنى إذا سرق.
وكانت ملوك اليمن، وملوك الحيرة يصلبون الرجل إذا قطع الطريق.
وكانوا يوفون بالعهود، ويكرمون الجار، ويكرمون الضيف. قال حاتم الطائي:
إلهم ربي وربي إلهم ... فأقسمت لا ارسو ولا أتعذر١
وقال أيضا:
لقد كان في البرايا الناس أسوة ... كأن لم يسق جحش بعير ولا حمر٢
وكانوا أناسا موقنين بربهم ... بكل مكان فيهم عابد بكر٣
١ أرسو: أتوقف. أتعذر: أتلمس الأعذار.
٢ عير، بفتح أوله: جبل بمكة. والحمر، بضم الأول وسكون الثاني: كرائم الأنعام أو النعم.
٣ بكر: لا مثيل له.