فإذا جاز أن يأتي في شرع التوراة تحريم ما كان إبراهيم، عليه السلام
، ومن تقدمه على استباحته، فجائز أن تأتي شريعة أخرى بتحليل ما كان في التوراة محظورًا.
وأيضًا: فلا تخلو المحظورات من أن يكون تحريمها مفترضًا في كل الأزمنة، لأن
الله يكرهُ ذلك المحظور لعينه أو لا يكون كذلك، بل نهى عنه في بعض
الأزمنة.
فإن كان الله ينهى عن عمل الصناعات في يوم السبت، لعين السبت، فينبغى أن يكون هذا التحريم على إبراهيم ونوح وآدم أيضًا؛ لأن عين السبت كانت أيضًا موجودة في زمانه، وهى علةُ التحريم.
وإذا كان ذلك غير محرم على إبراهيم ومن تقدمه، فليس النهى عنه لعينه، أعني في جميع أوقات وجود عينه.
وإذًا لزمكم أن تحريم الأعمال الصناعية في يوم السبت ليس بمحرم في جميع
وجود أوقات السبت، فليس بممتنع أن ينسخ هذا التحريم في زمانٍ آخرَ،
وإذا ظهر قائمٌ بمعجزات الرسالة وأعلام النبوة في زمنٍ آخر بعد فترةٍ طويلة.
فجائز أن يأتي بنسخ كثير من أحكام الشريعة، سواء حظر مباحاتها، أو أباح محظوراتها، وكيف يجوز أن يحاج من جاء بالبينةِ البشرية أو باينها، ولا سيما أن الخصوم قد طالما تعبدوا بفرائض مباينة للعقول، كطهارة أنجاسهم برماد البقرة