مع سبع يهوذا، إذ عبروا بالملك الأردن، قبل مجىء عساكر الأسباط، غيرةً
منهم على السبق إلى خدمة الملك، وتعاتبوا في ذاك عتابًا رقيقًا، فقال سبط
يهوذا: نحن أحق الناس بالسبق إلى الملك، والاختصاص بخدمته، لأنه منا، فلا وجه لعتبكم علينا يا بنى إسرائيل في ذلك.
فنبغ فضولي، يقال له: "نخزى بن شيبع " فنادى برفيع صوته: " لا نصيب لنا في داود، ولاحظ لنا في ابن بيشاى، ليمض كل منكم إلى خبائه
يا إسرائيليين "!
فما كان بأسرع من انفضاض عسكر بنى إسرائيل عن داود، بسبب كلمة ذلك الفضولي، ولما توصل الوزير "يؤاب " إلى قتل ذلك المشغب، عادت العساكر جميعها إلى طاعة داود.
فما كان القوم إلا مثل رعاع همج العوام، الذين يجمعهم دبدبة وتفرقهم
صيحة.
وأما عبادتهم الكبشين، وتركهم الحج إلى القدس، ثم إصرارهم على مخالفة
الأنبياءِ، إلى انقضاء دولتهم، فمما لا يصدر عن متمسك بأهداب العقل!!
وسبيلهم أن لا يتطرقوا لمعائب أحد من الأمم، إذ كانت هذه مخازيهم
وفضائحهم!
فأما تسرعهم إلى قبول الباطل والمستحيل، فإنا نذكر منه طرفًا ينبئ عن قلة
عقولهم، وهو ما جرى في زماننا، من أذكاهم وأكيسهم وأمكرهم، وهم يهود بغداد.