نورانية والطين من الظلمَة فَإنَّا خير من آدم لِأَن النَّار خير من الطين
وَلَو علم أَن الْخَيْر من كَانَ عِنْد الله خيرا لأطاع ربه كَمَا أطاعت الْمَلَائِكَة أَجْمَعُونَ وَلَكِن جعله الله لأهل الشَّقَاء سَببا فاحتج بِهَذَا الِاحْتِجَاج وارتكب هَذَا اللجاج فَهَلَك هَلَاك الْأَبَد بِسوء نظره وَفَسَاد قِيَاسه وَلَو شَاءَ سحانه لعصمه وزين فِي قلبه الطَّاعَة كَمَا زينها للْمَلَائكَة أَو تَابَ عَلَيْهِ وَعَفا عَنهُ كَمَا عَفا وَتَابَ على آدم نبيه وَلَكِن قد أعلمتك أَنه يتَصَرَّف فِي فِي ملكه كَيفَ يَشَاء وَهَذَا معنى وَصفَة بِأَنَّهُ ماكر ومستدرج ومخادع
قَالَ أَبُو طَالب الْمَكِّيّ رَحْمَة الله عَلَيْهِ فِي كِتَابه الْمُسَمّى قوت الْقُلُوب يغْفر لمن يَشَاء الذَّنب الْعَظِيم ويعذب من يَشَاء على الذَّنب الحقير لبلايا من ملك بِعَمَلِهِ وَلَا ييأس مُسْرِف على نَفسه من عَفوه وَبِهَذَا يتَحَقَّق الْمَكْر فِي حَقه
وَقَالَ أَيْضا أوحى الله تَعَالَى إِلَى نَبِي أَو قَالَ لنَبِيّ قل لفُلَان كم ذَنْب واجهتني بِهِ غفرته لَك أهلك فِي دونه أمة من الْأُمَم
وَقَالَ إِن لله عَبْدَيْنِ إشتركا فِي الْمُخَالفَة آدم وإبليس هَذَا لَا تَأْكُل فَأكل وَهَذَا أَسجد فَمَا سجد فَتَابَ على آدم واجتباه وَلعن إِبْلِيس وجزاه
قَالَ ويشترك فِي الْمعْصِيَة الْوَاحِدَة الْمَكَان الْوَاحِد جمَاعَة فَيغْفر لبَعْضهِم ويعذب فِي الدُّنْيَا بَعضهم وَيَتُوب على بَعضهم وَيُؤَخر لعقوبة الْآخِرَة بَعضهم ويبدل بعد التَّوْبَة لبَعْضهِم سيئاتهم حَسَنَات
لَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون لَا يُقَال لما فعلت هَذَا وَلَا كَيفَ فعلت وكل من سواهُ يسئل لم فعل وَلم ترك لِأَن الْآمِر الْمُكَلف يسئله وَلَا مَالك مَعَ الله وَلَا دون الله وَلَا فَوق الله فيسئله عَن أمره أَو حُدُوده وَالتَّصَرُّف فِي ملكه بِغَيْر إِذْنه فَلَا يتَصَوَّر الظُّلم من الله أبدا فَاعْلَم
قَالَ أَبُو طَالب وَلَقَد عددت لأخوة يُوسُف الصّديق عَلَيْهِم السَّلَام وَفِي قَوْله