الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة الْوُجُود زايد على الماهيات
لأَنا ندرك التَّفْرِقَة بَين قَوْلنَا السوَاد سَواد وَبَين قَوْلنَا السوَاد مَوْجُود وَلَوْلَا أَن الْمَفْهُوم من كَونه مَوْجُودا زايد على كَونه سوادا وَإِلَّا لما بَقِي هَذَا الْفرق وَلِأَن الْعقل يُمكنهُ أَن يَقُول الْعَالم يُمكن أَن يكون مَوْجُودا وَأَن يكون مَعْدُوما وَلَا يُمكنهُ أَن يَقُول الْمَوْجُود إِمَّا أَن يكون مَوْجُودا أَو مَعْدُوما وَلَوْلَا أَن الْوُجُود مُغَاير للماهية وَإِلَّا لما صَحَّ هَذَا الْفرق
الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة الْمَعْدُوم لَيْسَ بِشَيْء
وَالْمرَاد مِنْهُ أَن لَا يُمكن تقرر الماهيات منفكة عَن صفة الْوُجُود وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن الماهيات لَو كَانَت متقررة فِي نَفسهَا لكَانَتْ متشاركة فِي كَونهَا متقررة خَارج الذِّهْن ومتخالفة بخصوصياتها وَمَا بِهِ الْمُشَاركَة غير مَا بِهِ الْمُخَالفَة فَكَأَن كَونهَا متقررة خَارج الذِّهْن أمرا مُشْتَركا فِيهِ زَائِدا على خصوصياتها وَلَا معنى للوجود إِلَّا ذَلِك
فَيلْزم أَن يُقَال إِنَّهَا حَال عرائها عَن الْوُجُود كَانَت مَوْصُوفَة بالوجود وَهَذَا محَال
وَأَيْضًا فَإنَّا ندرك التَّفْرِقَة بَين قَوْلنَا السوَاد سَواد وَبَين قَوْلنَا إِن السوَاد متقرر فِي الْخَارِج وَهَذَا يدل على أَن كَونه متقررا فِي الْخَارِج صفة زَائِدَة على الْمَاهِيّة
وَاحْتَجُّوا بِأَن الْمَعْدُوم متميز وكل متميز ثَابت فالمعدوم ثَابت
بَيَان الأول من وُجُوه
الأول أَنا نميز بَين طُلُوع الشَّمْس غَدا من مشرقها وَبَين طُلُوعهَا غَدا من مغْرِبهَا وَهَذَانِ الطلوعان معدومان فقد حصل الامتياز بَين المعدومات