حُلُول كلمة الله تَعَالَى فِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَحده كفرهم جُمْهُور الْمُسلمين فَالَّذِي يثبت هَذَا الْحُلُول فِي حق كل أحد من النَّاس يكون كفره أغْلظ من كفر النَّصَارَى بِكَثِير
وَاحْتَجُّوا على قَوْلهم بِأَن كَلَام الله تَعَالَى مسموع بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى {وَإِن أحد من الْمُشْركين استجارك فَأَجره حَتَّى يسمع كَلَام الله} وَهَذَا يدل على أَن كَلَام الله مسموع فَلَمَّا دلّ الدَّلِيل على أَن كَلَام الله قديم وَجب أَن تكون هَذِه الْحُرُوف المسموعة قديمَة
وَالْجَوَاب أَن المسموع هُوَ هَذِه الْحُرُوف المتعاقبة وَكَونهَا متعاقبة يَقْتَضِي أَنَّهَا حدثت بعد انْقِضَاء غَيرهَا وَمَتى كَانَ الْأَمر كَذَلِك كَانَ الْعلم الضَّرُورِيّ حَاصِلا بامتناع كَونهَا قديمَة
الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة عشرَة قَالَ الْأَكْثَرُونَ من أهل السّنة كَلَام الله تَعَالَى وَاحِد والمعتزلة أظهرُوا التَّعَجُّب مِنْهُ وَقَالُوا الْأَمر وَالنَّهْي وَالْخَبَر والاستخبار حقائق مُخْتَلفَة فَالْقَوْل بِأَن الْكَلَام من الْوَاحِد مَعَ كَونه وَاحِدًا أَمر وَنهي وَخبر واستخبار يَقْتَضِي كَون الْحَقَائِق الْكَثِيرَة حَقِيقَة وَاحِدَة وَذَلِكَ بَاطِل بالبديهة
وَأعلم أَن عندنَا الْأَمر عبارَة عَن الْإِعْلَام بحلول الْعقَاب وَكَذَلِكَ النَّهْي وَأما الِاسْتِفْهَام فَإِنَّهُ أَيْضا إِعْلَام مَخْصُوص فَيرجع حَاصِل جَمِيع الْأَقْسَام إِلَى الْإِخْبَار وكما لَا يمْتَنع أَن يكون الْعلم الْوَاحِد علما بالأشياء الْكَثِيرَة فَكَذَلِك لَا يمْتَنع أَن يكون الْخَبَر الْوَاحِد خَبرا عَن الْأَشْيَاء الْكَثِيرَة
الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة عشرَة أَنه تَعَالَى بَاقٍ لذاته خلافًا للأشعري
لنا أَنه وَاجِب الْوُجُود لذاته وَالْوَاجِب لذاته يمْتَنع أَن يكون وَاجِبا لغيره فَيمْتَنع كَونه بَاقِيا بِالْبَقَاءِ وَأَيْضًا لَو كَانَ بَاقِيا بِالْبَقَاءِ لَكَانَ كَون بَقَائِهِ