عَن نفي الْأَثر فَالْقَوْل بِكَوْن الْعَدَم أثرا للقدرة جمع بَين النقيضين وَهُوَ محَال وَلِأَن الْبَاقِي حَال بَقَائِهِ لَا يكون مَقْدُورًا لِأَن تكوين الْكَائِن محَال
وَقَالَ الْبَاقُونَ التّرْك عبارَة عَن فعل الضِّدّ فعلى هَذَا التَّقْدِير الْقَادِر لَا يَخْلُو عَن فعل الشَّيْء وَعَن فعل ضِدّه
فَقيل هَذَا يشكل من وَجْهَيْن
الأول أَن من اسْتلْقى على قَفاهُ وَلم يعْمل شَيْئا أصلا فَإِنَّهُ يعلم بِالضَّرُورَةِ أَنه لم يفعل الْبَتَّةَ شَيْئا فَالْقَوْل بِأَنَّهُ فعل شَيْئا مُخَالفَة للضَّرُورَة
وَالثَّانِي أَن الْبَارِي تَعَالَى كَانَ تَارِكًا لخلق الْعَالم فِي الْأَزَل فَيلْزم كَونه فَاعِلا فِي الْأَزَل لضد الْعَالم وَإِذا كَانَ ضد الْعَالم أزليا امْتنع زَوَاله فَكَانَ يجب أَن لَا يُوجد الْعَالم فِي الْأَزَل
والأصوب أَن يُقَال الْعلم بِكَوْنِهِ إِلَه الْعَالم قَادِرًا على الْفِعْل وَالتّرْك علم ضَرُورِيّ وَالشَّكّ فِي هَذِه التفاصيل يُوجب الشَّك فِي تِلْكَ الْجُمْلَة
الْمَسْأَلَة السَّابِعَة قَالَ أهل السّنة لَا يمْتَنع تَكْلِيف مَا لَا يُطلق وَقَالَت الْمُعْتَزلَة أَنه لَا يجوز
حجَّة المثبتين وُجُوه
أَحدهَا أَنه تَعَالَى علم من بعض الْكفَّار أَنه يَمُوت على كفره فَإِذا كلفه بِالْإِيمَان فقد كلفه بِفعل الْإِيمَان مُقَارنًا للْعلم بِعَدَمِ الْإِيمَان وَهَذَا تَكْلِيف بِالْجمعِ بَين الضدين
الثَّانِي أَنه كلف أَبَا لَهب بِالْإِيمَان وَمن الْإِيمَان تَصْدِيق الله تَعَالَى فِي كل مَا أخبر عَنهُ وَمِمَّا أخبر عَنهُ أَنه لَا يُؤمن أبدا فَيلْزم أَنه تَعَالَى كلفه بِأَن يُؤمن بِأَن لَا يُؤمن وَهُوَ جمع بَين النقيضين