يسير وَلَيْسَ كل فَقير مملقا وَقد يحْتَمل أَنه نسي أَن يواسيه مِنْهُ وَلَيْسَ يلْحقهُ فِي ذَلِك عتب وَلَا ذَنْب على أَنه لَو ترك إعطاءه قَاصِدا لم يكن مذنبا فَإِن مؤاساة الْجَار مَنْدُوب إِلَيْهَا وَمن ترك الْمَنْدُوب فَلَا ذَنْب عَلَيْهِ
وَأما قَوْلهم إِنَّه لم يُغير الْمُنكر على الْملك الْجَبَّار فعين هَذَا القَوْل عذر عَنهُ فَإِن لُزُوم تَغْيِير الْمُنكر إِنَّمَا هُوَ مَعَ الْإِمْكَان قَالَ تَعَالَى {الَّذين إِن مكناهم فِي الأَرْض أَقَامُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة وَأمرُوا بِالْمَعْرُوفِ ونهوا عَن الْمُنكر} فَلَمَّا علم جبروت الْملك خَافَ على نَفسه وَلم يُمكنهُ تَغْيِيره بِظَاهِرِهِ لِئَلَّا يَقع من الْجَبَّار مُنكر أكبر مِمَّا رَآهُ فِي منزله فَغير بِقَلْبِه
وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك الْملك لم يكن من أمته وَلَا أرسل إِلَيْهِ فَلم يُغير عَلَيْهِ إِذْ لَا يلْزمه ذَلِك
كَمَا مر مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام على قوم يعكفون على أصنام لَهُم فَغير على قومه وَلم يُغير عَلَيْهِم لكَونه لم يُرْسل إِلَيْهِم فَإِن النَّبِي لَا يلْزمه التَّغْيِير إِلَّا على من أرسل إِلَيْهِ
فقد خرجت القولتان بِحَمْد الله على أحسن مخرج إِذا صحتا
وَأما قَوْله {مسني الشَّيْطَان بِنصب وَعَذَاب} أَي ببلاء وَشر جَاءَ فِي خبر يطول ذكره فلنذكر مِنْهُ مَا لَا بُد من ذكره
وَجَاء فِي الْأَثر أَن الشَّيْطَان تحداه بِأَنَّهُ لَو سلط عَلَيْهِ لضجر وَسخط حكم الله تَعَالَى فَسلط على مَاله وَولده وَجَسَده إِلَّا قلبه وَلسَانه فَصَبر صبرا أثنى الله بِهِ عَلَيْهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فِي قُرْآن يُتْلَى فَقَالَ تَعَالَى إِنَّا