وَجَاء عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (اطْلُبُوا الرزق فِي خبايا الأَرْض) يَعْنِي فِيمَا يزرع وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لصَاحب النَّاقة (اعقلها وتوكل)
وَهَذِه الْأَخْبَار تدل على إِثْبَات الْكسْب شرعا وَأَنه لَا يقْدَح فِي التَّوَكُّل
فَخرج من هَذِه الْأَحَادِيث إِثْبَات الْكسْب شرعا وَأَن مَرْيَم عَلَيْهَا السَّلَام كَانَ مقَامهَا فِي تِلْكَ الْحَالة إعلاء لكَونهَا جمعت بَين الْكسْب والتوكل
وَقد نظمت فِي ذَلِك على نقيض مَا نظموه فِي قَوْلهم إِذْ قَالُوا
(ألم تَرَ أَن الله أوحى لِمَرْيَم ... إِلَيْك فهزي الْجذع تساقط الرطب) فَقلت
(أما علمُوا أَن الْمقَام سما بهَا ... لِأَن جمعت بَين التَّوَكُّل وَالسَّبَب)
(بِأَن لمست جذعا فأينع رَأسه ... على الْحِين أفنانا وأثمر بالرطب)
(كَمَا مس أَيُّوب اليبيس بِرجلِهِ ... ففارت عُيُون طهرته من الصخب)
(وَمَسّ كليم الله بِالْعودِ صَخْرَة ... ففجر من أرجائها المَاء فانسكب)
(وَمَسّ الْمَسِيح الطين بالخلق فانتشا ... طيورا بِإِذن الله أَحيَاء تضطرب)
وَمَسّ يَمِين الْمُصْطَفى المَاء نُطْفَة ... فَفَاضَتْ عُيُون المَاء من خلل العصب)
فعض على هَذِه القولة يَا أَيهَا المتناصف الفطن بالنواجذ وَشد عَلَيْهَا كف الضنين فَإِنَّهَا قولة مَقْصُودَة بالبرهان ونادرة مَا أَرَانِي سبقت إِلَيْهَا واعرف