فصل
فَأَما قَوْله فَالله الله فِي هَذَا الْإِقْدَام وَعَلَيْكُم بِمَا كَانَ عَلَيْهِ السّلف الصَّالح وَترك الْخَوْض فِي الله بِمَا لم يرد بِهِ شرع وَلَا يطابقه عقل قُلْنَا قد فعلنَا ذَلِك بِحَمْد الله ومنته من غير وَصيته وأخذنا بِمَا كَانَ عَلَيْهِ سلفنا من غير نصيحته وفارقنا من فارقهم ورددنا على من خالفهم
وَمن جملَة ذَلِك رددنا لقَوْله وتبينا فضيحته
وَأما هُوَ فَإِنَّهُ بِهَذَا القَوْل آمُر بِالْبرِّ وناس نَفسه وناه عَن مُنكر ومخالف إِلَى مَا نهى عَنهُ
وَالله تَعَالَى يمقت على ذَلِك قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى {كبر مقتا عِنْد الله أَن تَقولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}
وعير الله تَعَالَى الْيَهُود بقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {أتأمرون النَّاس بِالْبرِّ وتنسون أَنفسكُم}
وروينا فِي خبر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ يُؤْتى بِرَجُل يَوْم الْقِيَامَة فَيلقى فِي النَّار فتندلق أقتاب بَطْنه فيدور فِيهَا كَمَا يَدُور الْحمار برحاه فيشرف عَلَيْهِ بعض من كَانَ يعرفهُ فِي الدُّنْيَا فَيَقُول أَي فلَان مَا هَذَا وَإِنَّمَا مَعَك كُنَّا نعلم مِنْك فَيَقُول إِنِّي كنت آمركُم بِالْأَمر وَلَا آتيه وأنهاكم عَن الْأَمر وآتيه أَو كَمَا لفظ الْخَبَر
وَقد أخبر الله تَعَالَى عَن شُعَيْب عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَوْله {وَمَا أُرِيد أَن أخالفكم إِلَى مَا أنهاكم عَنهُ}
وَقَالَت الشُّعَرَاء فِي ذَلِك أقوالا مِنْهَا قَول أبي الْأسود
(يَا أَيهَا الرجل الْمعلم غَيره ... هلا لنَفسك كَانَ ذَا التَّعْلِيم)
(أتراك تلقح بالرشاد عقولنا ... صفة وَأَنت من الرشاد عديم)