هَذَا فقد جعلُوا الْحَرَكَة الإرادية عِلّة كَون الْمحل متحركا وَلَا كَذَلِك الْحَرَكَة الطبيعية فَهَل الْفرق إِلَّا تحكم
فَإِذا قد بَان أَنه لَا وَجه للْفرق وَهُوَ الرَّأْي الْحق وَإِلَيْهِ ذهب الْقَائِلُونَ بالأحوال من أَصْحَابنَا هَذَا تَمام الْكَلَام فِي الْقسم الأول
وَأما الْحَال غير المعللة
فَهِيَ كل صفة ثبتَتْ للذات غير معلله بِصفة زَائِدَة عَلَيْهَا كالوجود واللونية وَنَحْوهَا فَهَذِهِ أَقسَام الْأَحْوَال
وَهل هِيَ عِنْد من أثبتها مَعْلُومَة بإنفرادها أَو مَعَ غَيرهَا
قَالَ أَبُو هَاشم وَمن تَابعه من الْمُعْتَزلَة إِنَّهَا لَا تعلم إِلَّا مَعَ الذوات من حَيْثُ إِن الْعلم إِنَّمَا يتَعَلَّق بطرِيق الإستقلال عِنْدهم بِمَا هُوَ فِي نَفسه ذَات والذوات ثَابِتَة فِي الْعَدَم وَالْأَحْوَال متجددة
وَأما من قَالَ بهَا من أَصْحَابنَا فَإِنَّهُ لم يمْنَع من تعلق الْعلم بهَا على انفرادها وَلَعَلَّ مُسْتَند الِاخْتِلَاف فِي الِاشْتِرَاط وَعَدَمه إِنَّمَا هُوَ بِالنّظرِ إِلَى الْحَقِيقَة والثبوت فَرب من وقف تعلق الْعلم لَهَا على الذوات نظر إِلَى جِهَة الثُّبُوت وَالْآخر إِلَى جِهَة الْحَقِيقَة إِذْ هِيَ غير إضافية وكل مِنْهُمَا إِذْ ذَاك مُصِيب فِيمَا يَقُول أما إِن كَانَ توارد النَّفْي وَالْإِثْبَات على جِهَة وَاحِدَة من هَاتين الْجِهَتَيْنِ فَلَا محَالة أَن الْمُثبت لهَذَا الِاشْتِرَاط يكون مصيبا بِالنّظرِ إِلَى الثُّبُوت مخطئا بِالنّظرِ إِلَى الْحَقِيقَة وَالثَّانِي بعكسه
وَإِذا عرف معنى الْحَال وأقسامها فَيجب أَن نعود إِلَى الْمَقْصُود وَهُوَ الْكَشْف عَن مَأْخَذ الْفَرِيقَيْنِ والتنبيه على مُعْتَمد الطَّائِفَتَيْنِ وَقد اعْتمد مثبتو الْأَحْوَال على الدّلَالَة والإلزام