القسم الأول:
فصل: في الحروف وهل هي قديمة أم حادثة
قال الشيخ أبو العباس في كتابه: فصل في الحروف. اعلم أن العلماء اختلفوا في الحروف هل هي قديمة في القرآن أو مطلقاً؟
فذهب قوم إلى القدم مطلقاً إذ قدمها في صورة دون صورة تناقض محض.
وذهب قوم إلى قدمها في القرآن فقط، وذهب قوم إلى قدم حروف قائمة بهذه الحروف المرتبة.
والذي يدل على قدم الحروف على الإطلاق من كتاب الله تعالى وجوه:
الأول: قوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} الأنعام: ٣٨ وقال: {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْأِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} الرحمن:١-٤ فرّق بين ماخلق وبين ما علم فلولم يكن ما علمه غير مخلوق وإلا لما كان لتخصيص أحدهما بالخلق دون الآخر فائدة.
والمراد بالبيان الحروف والكلام العربي في قول أهل التفسير.
الثاني: قوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} البقرة ٣١ وثبت بما تقدم إنما علمه غير مخلوق.
وذكر أهل التفسير إن الله تعالى لما أمر (١) الملائكة بالسجود لآدم صلى الله عليه وسلم قالوا: كيف نسجد لمن نحن أعلم منه؟ فأظهر الله لهم أشباح المخلوقات كلها على وجه الماء، وقال لهم: إن كنتم أعلم من آدم فأنبئوني بأسماء هؤلاء فرجعوا إلى الاستغفار، وقالوا: سبحانك لاعلم لنا إلا ما علمتنا فأنزل الله عز وجل على آدم تسعة وعشرين حرفاً، وألهمه أن وضع على كل شخص اسماً فلفق الحروف
١ في الأصل: أخبر والصواب ما أثبتناه