قلنا: إن أردتم بالملازمة المعبر١، فلا نسلم تحقق الحدوث على هذا التفسير، وإن عنيتم بالملازمة عدم الانفكاك، فلا نسلم تحقق الملازمة حينئذ، بل ذلك إنما يقع باعتبار المحال.
قولكم في الثالث: يلزم تنجيس القديم إذا كتب بالحبر النجس.
قلنا: إنما يتنجس للحبر والمداد، أما القديم فلا، ثم إن دفع كلام الله عز وجل من بين أظهرنا وعدم نزوله على النبي صلى الله عليه وسلم أشنع من هذه المقالة التي نحن بريئون منها.
قولكم في الرابع: أنه بتقدير٢ أن يكون المشار إليه في هذا المصحف المعين قديماً، يلزم تعدد القدماء.
قلنا: لا نسلم بل يلزم تعدد الآلات والمحال، أما نفس الحرف فلا، فإن كتب ألفاً بألوان مختلفة متعددة، لا يشعر ذلك بتعدد الألفات، وإنما التعدد يقع باعتبار تلك الألوان مع المحال، والمتعدد بتعدد محله لايكون متعدداً في نفس الأمر، إذ لو كان متعدداً مع قطع النظر عن محله، يلزم أن يكون الواحد أكثر من واحد، وذلك محال.
فلئن قال: حاصل ما تشيرون إليه خلاف ما عولتم عليه، وذلك لأن عندكم كلام الله موجود في المصحف على الحقيقة. وهو هذه الحروف وعلى ما ذكرتم ثم يكون القديم غير هذه الحروف.
قلنا: لا يدل على ما ذكرنا على قدم غير هذه الحروف، بل عندنا أنها قديمة، وهي كلام الله تعالى. ثم عندنا كلام الله تعالى ليس بجسم، وما هو موصوف بالجسمية عندنا محدث، وهو عندنا مباين للكلام
القديم ولا ينافي ذلك وجوده في
١ هكذا بالأصل ولعلها: المعين.
٢ في الأصل: بتقدر.