وقد كان أمية بن أبي الصلت «1» يطمع في النبوة، فلما لم تحصل له مات غيظا وحسدا، ولم يتابع محمدا على أن المعروف أن رحمن اليمامة هو مسيلمة وقد أظهر الله فضيحته يوم الحديقة فقتل، ولما رهقته السيوف قال له أصحابه ما أوحى إليك ربك؟ فقال: قاتلوا عن أحسابكم «2» وحريمكم، واعترف بالكذب على الله.
السادس: أن هذا السؤال ألزم للنصارى «3» منه للمسلمين، لأن محمدا كان أميا، لا يختلف في ذلك اثنان: فإتيانه بمثل هذا العلم والناموس إن سلمتم أنه لم يستفده من بشر «4» غيره فهو معجز في نفسه، وإن اتهمتموه بأنه تعلمه «5» من غيره فالمسيح أولى بالتهمة لأنه تعلم الكتابة صغيرا وجالس العلماء وسمع منهم وكانوا يتعجبون من فرط ذكائه وإدراكه في هيكل أورشليم «6»، (1) أمية بن عبد الله بن أبي الصلت بن أبي ربيعة بن عوف الثقفي، شاعر حكيم من أهل الطائف، قدم دمشق قبل الإسلام، وكان مطلعا على الكتب القديمة، وهو ممن حرموا على أنفسهم الخمر ونبذوا عبادة الأوثان في الجاهلية، ورحل إلى البحرين فأقام بها ثماني سنين في أثناءها ظهر الإسلام. ثم قدم الطائف وسأل عن محمد ثم ذهب إليه فسمع منه آيات فلما انصرف لحقته قريش وسألته عن رأيه فيه. فقال:" أشهد أنه على الحق" وهو أول من جعل في أول الكتب باسمك اللهم، فكتبتها قريش. توفي سنة خمس من الهجرة، وقيل: في السنة الثانية.
انظر الأعلام 2/ 23.
(2) انظر الكامل في التاريخ 1/ 246.
(3) في (أ): النصارى.
(4) في (أ): يسير.
(5) في (أ): يعلمه.
(6) في (أ): أوراشلم.