قلت: أما هذه القصة فصحيحة. وأما قوله هذا الوقت كان أحق بإظهار المعجز فقد بينا أن المعجز وجوده إلى الله لا إلى الأنبياء والله بالغ أمره بأسبابه، ثم هذا يرد عليكم في المسيح، حيث صلبه اليهود فإنكم زعمتم أنه كان إلها وأنه كان يزجر الريح فتسكن والبحر فيركد وكان يحيي الموتى ويستخفي عن أعين الناس إذا أراد، فلما صار في الخشبة صاح صيحة عظيمة وسلم الروح" وقد كان هذا الوقت أحق بإظهار المعجز.
فإن قلتم كان ذلك باختياره.
قلنا: هذا كذب، ومحال، فإن في الإنجيل «1» أنه جمع التلاميذ وصعد بهم إلى الجبل وقال: اسهروا معي الليلة لأسأل أبي أن يغير عني هذه الكأس. وسأل ذلك فلم يجب وجاء أعداؤه فأخذوه من هناك إلى حكم الموت.
وأما إخبار العظم للنبي- عليه السلام- بأنه «2» مسموم فهو حق كما أخبر، وماذا يستبعد منه وقد سبح في يديه الحصى «3»، وحن إليه/ الجذع «4»،/ وسلم (1) انظر إنجيل متى، الأصحاح السادس والعشرين، وإنجيل مرقس الأصحاح الرابع عشر.
(2) في (أ): فانه.
(3) انظر دلائل النبوة للبيهقي 6/ 64 - 65، وأعلام النبوة للماوردي ص 115 والبداية والنهاية 6/ 132، ويقول محقق دلائل النبوة للبيهقي:" ... وذكره السيوطي في الخصائص 2/ 74، وعزاه للبزار، والطبراني في الأوسط وأبي نعيم والبيهقي، والخبر كما ترى فيه ضعيف، ووضاع" اهـ. قلت: الضعيف هو: صالح بن أبي الأخضر اليمامي مولى هشام بن عبد الملك. قال عنه ابن حجر:" ضعيف يعتبر به" اهـ، وأما الوضاع فهو: محمد بن يونس بن موسى الكديمي، جعله الدارقطني في الضعفاء والمتروكين وقال عنه ابن حجر في التقريب:" ضعيف" وفي المغني أنه" هالك ... يضع الحديث على الثقات".
(4) سيأتي تخريجه بإذن الله في هامش ص: 572.