لكان فيه كفاية «1»، كما سنبين «2». فتقدير الكلام إذن: وأن الذي أوتيته كان وحيا، وإنما خصه بالذكر لأنه أول ما ظهر على يديه ورأى بسببه الملائكة، وهو قديم على أصل أهل السنة «3» وسائر معجزات الأنبياء مخلوقة، وهو المتواتر اللفظي، فلهذه الخصائص خصه بالذكر.(1) قال المازري:" ومعجزات النبي صلى الله عليه وسلم ضربان: أحدهما: القرآن، وهو منقول تواترا. والثاني: مثل تكثير الطعام والشراب ونحو ذلك ولك فيه طريقان: أحدهما: تواترت على المعنى كتواتر جود حاتم طيئ وحلم الأحنف بن قيس، فإنه لا ينقل في ذلك قصة بعينها متواترة ولكن تكاثرت أرفادها بالآحاد حتى أفاد مجموعها تواتر الكرم والحلم وكذلك تواتر انخراق العادة للنبي صلى الله عليه وسلم بغير القرآن. والطريق الثاني: أن تقول: إذا روى الصحابي مثل هذا الأمر العجيب- تكثير الطعام والشراب- وأحال على حضوره فيه مع سائر الصحابة، وهم يسمعون روايته ودعواه، أو بلغهم ذلك ولا ينكرون عليه: كان ذلك تصديقا له يوجب العلم بصحة ما قال والله أعلم" اهـ. شرح النووي على صحيح مسلم 12/ 35. (2) في ص: 587 وما بعدها. (3) قلت: مذهب أهل السنة والجماعة في كلام الله تعالى أنه صفة ذاتية فعلية، وهو قديم النوع حادث الآحاد. أو قديم النوع وإن لم يكن الصوت المعين قديما. وليس مخلوقا لأنه صفة الله والصفة تابعة للموصوف فليست مخلوقة كما زعمت الجهمية والمعتزلة، وليس بعضه مخلوقا كما قالت الكلابية والأشاعرة، فهؤلاء يقولون إن الحروف والأصوات مخلوقة. والمعاني غير مخلوقة وهي قائمة بنفس الله. وعبرت عنها أو حكتها الحروف والأصوات المخلوقة. ولا أنه صفة قديمة في الأزل لا يقبل الحدث، كقول السالمية وبعض أتباع الأئمة الأربعة. ولا أنه حادث بعد أن لم يكن كما زعمت الكرامية. وقول الطوفي" وهو قديم على أصل أهل السنة" هذا على مذهب السالمية ومن وافقهم من أتباع الأئمة الأربعة أو على قول الأشاعرة فهم يقولون إن كلام الله صفة قديمة.