وبيان ذلك: أن الشارع لما علم من طبيعة البشر كراهة ذلك، والنفور منه جعله شرطا في جواز ارتجاع الرجل زوجته، ليكون ذلك مانعا له من المبادرة بطلاقها، وحاملا لكل من الزوجين على عشرة الآخر بالمعروف، واحتمال بوادره وسوء أخلاقه. فكان اشتراط نكاح المرأة زوجا غير مطلقها مفضيا إلى نفيه وتقليله جدا، حتى أن هذا إنما يقع في النادر بالنسبة إلى كثرة الأنكحة وللطلاق «1»، ونظيره القتل بالقصاص ناف للقتل بالعدوان ومقلل له، وإليه الإشارة بقوله تعالى:
وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا ... (179) «2» وتقول العرب:" القتل أنفى للقتل «3» " ويقول الشاعر:
بسفك الدما يا جارتي تحقن الدما وبالقتل تنجو كل نفس من القتل «4» وأما الأسد والدب ونحوهما فليسوا مكلفين،/ حتى يشرع في حقهم ما يمنعهم من المبادرة إلى الطلاق، وإنما كان ذلك فيهم طبيعة. (1) في (ش)، (م): والطلاق.
(2) سورة البقرة، آية: 179.
(3) في كلمة" أنفى" عدة روايات. قيل: أنقى. وقيل: أنقى. وقيل: أوقى.
انظر تفسير القرطبي 2/ 245. وتفسير ابن عطية 2/ 65، وتفسير القاسمي 3/ 62.
(4) لم أقف على اسم قائله، ولعله من شعر المؤلف.