أن يقصد الصلاة في موضع صلى فيه، خلاف ما فعله ابنه عبد الله -مع فضله ودينه-رضي الله عنهم أجمعين. وبسط هذا له موضع آخر.
والمقصود هنا أن قول القائل:
ـمن حرم السفر إلى زيارة قبره وسائر القبور فقد جاهر الأنبياء بالعداوة وأظهر لهم العناد.ـ
يستلزم أن يكون كذلك إمامه مالك، بل وإمام غيره من المسلمين، فإنه من أجل أئمة المسلمين، وهو أحد أئمتنا الكبار، فإن جميع أئمة المسلمين المشهورين بالإمامة أئمة لنا رضي الله عنهم أجمعين.
فإنه قد صرح في هذا الباب بما يبطل قول هذا الجاهل أكثر من تصريح غيره.
الوجه الثاني من الجواب: أن قول القائل:
ـإنّ النّاهي عن السفر لزيارة القبور -قبور الأنبياء وغيرهم- قد جاهر الأنبياء بالعداوة وأظهر لهم العناد.ـ
إنما يتوجه إذا كانت زيارة القبور التي جاءت بها الشريعة هي من باب خضوع الزائر للمزور وذله له وتواضعه له واستسلامه وانقياده لعظمة قدر المزرو وجاهه عند الله وقربه إليه.
فإذا كان المقصود بالزيارة مثل هذا كان النهي عن ذلك تنقيصًا لهم وغضًّا من أقدارهم كالذي يزور معظمًا في الدين أو الدنيا زيارة خاصع له متواضع له متبرك به.